[ويلتا لو علموا. . .!]
للآنسة فدوى عبد الفتاح طوقان
من كتاب العمر، من سفر السنين ... صفحات عند أخرى ينطوين
ما روى مرقومها غير الأسى ... ما حوى مسطورها غير الأنين
عبراتي في حواشيها جرت ... وجراحي قطرت فوق المتون
يا لعمر رنقت منهلَه ... بَغَتاتَ الدهر والدهر خؤون
جزتها تسعاً وعشرين فهل ... غير كأس الشجو عاطتني السنون
مرست لي الصاب في شهد الصبي ... ومن الأفراح عاضتني شجون
ويقولون: تحدى واقعا ... قيد الروح بأغلال العذاب
وانعمي بالعمر، ما العمر سوى ... غفوة العين على حلمَ كذَاب
يتصدى تارة جهم الرؤى ... وهو طوراً ذو خيالاتِ عذاب
هو ذا الوقع، حلم عابر ... فاغنميه كلما لذ وطاب
وإذا يسرا وجيعاً راعباً ... فتحديه بأفراح الشباب
وابسمي، فأزهر رفاف الندى ... وانعمي فالغصن ريان الإهاب
ويقولون: اصدحي وانطلقي ... من إسار الحزن، من قيد الذكَر
حسْب ألحانك ما أرسلته ... من شجا فيها ودمع منهمر
إبكاءً والتياعاً وأسى ... والصبي فرحة أيام العمُر
والصبي طير طروب روحه ... غرد ما راح، شاد ما بكر
خاطف عما قليل ظله ... إذ يوافيه الخريف المنتظر
حين لا النوار نمام الشذى ... لا، ولا الورض أنيق مزدهر
ويلتا لو علموا كيف هوى ... ذلك الطير دراكا من سماه
الدياجي طبقت آفاقه ... والرياح الهوج طاحت بقواه
من رآه قلقا في وكره ... لائباً، يوشك يرديه صداه
إن هفا يبغي انطلاقاً كسرت ... من جناحيه أعاصير الحياة
أو شدا قام الشجا معترضاً ... آخذاً منه بأوتار اللهاه