يتقمص الأستاذ الجليل الدكتور مشرفة في معظم كتبه عدة شخصيات أهمها العالم والمدرس والأديب معاً، وهذه ميزة قلما تتوافر لعالم غيره وهي في هذا الكتاب بارزة جداً، والظاهر أن ذلك راجع إلى أنه يتمشى مع المنهاج الموضوع لسلسلة (اقرأ) المقصود به صلاحيتها لأوساط الناس على اختلاف ثقافاتهم. فأولا:
شخصية العالم:
وتبدو واضحة لدرجة المحاباة، محاباة العلم والعلماء. يقول:(إن العلماء أعرف الناس بالخير وأقربهم إلى الفضيلة) ويقول: (من الخطأ الفاحش أن يقال إن العلماء يقفون عند المظاهر المادية للعالم، فالعلماء إذ يبحثون عن الحقيقة يسمون بعقولهم إلى المنتهى) ولعل الدكتور يريد أن يصف العلماء كما يجب أن يكونوا أو يظن أنهم جميعاً على شاكلته أطهار أبرار؛ وإلا فأهوال الحروب الحديثة لا تؤيد القول الأول، وبعض الباحثين لا يؤيدون القول الثاني بل يقولون به (تشارلتن) في كتابه (فنون الأدب): (إذا أردنا الدقة ألقينا العلم بعيداً كل البعد عن الحياة العملية، إذ العلم لا ينظر إلى المعرفة من وجهها النافع المفيد فهو لا يعينه إلا المشكلات المجردة والمبادئ العامة. العلم مجرد فكر يقوم به العالم بغض النظر عما إذا كان يفيد أو لا يفيد). وثانيا:
شخصية المدرس:
وطبيعي أن يكون الدكتور الفاضل مدرساً ناجحاً في معظم كتابه لأنه متصل الوقت والجهد بالتدريس مشرفاً وأستاذاً ومحاضراً. والذي لاشك فيه أنه تطبع لهذا على أن يتصور أن الأذهان التي يحادثها أذهان طلاب في حاجة دائمة إلى شئ من الإعادة والتكرار والتشويق