للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[من هنا وهناك]

الخلق الذي سيكسب الحرب

(عن مجلة (باريد))

للحرب الحاضرة نواح كثيرة يجب أن ينظر إليها قبل أن ينظر إلى

تقدير قوى الجيوش المحاربة، وعدد طائرات العدو وحجمها والسرعة

التي تسير بها. ومما لا شك فيه أن الجانب الذي سيكون له الفوز

النهائي في هذه الحرب، هو الجانب الذي يمتاز العنصر الإنساني فيه

بقواه الأخلاقية، ومزاياه العقلية. ولا جرم أن البريطانيين والفرنسيين

يمتازون من هذه الناحية عن الألمان.

وقد كتب المؤلف الأمريكي المشهور (فنسنت شيان) في مجلة (رديوك) التي تصدر في كندا مقالاً قيماً تناول فيه أخلاق هذه الأمم بالبحث والتحليل. فقال: إن في الرجل الألماني لا بأس به على وجه العموم، فهو شجاع، صلد، جلد على احتمال الشدائد، ذو مقدرة على الاضطلاع بسائر الأعمال الجسدية، يعمل بيديه وقدميه فيها كما يعمل برأسه.

إلا أن هذا الخلق الألماني بما فيه من العناصر الطيبة، لم يخل من ناحية ضعف لها أثرها السيئ على سائر النواحي القوية فيه. فالشعب الألماني ينقصه الإدراك السياسي الرشيد. فسياسته لا ترتفع عن سياسة العامة، وأخلاقه السياسية لا ترتفع عن الجهالة والسخف

والألماني لا يعرف التشكك في أموره السياسية. وقد عرف النازيون كيف يستغلون هذه الصفات، فاستحوذوا على نفوس الشعب بطرق لا تخلو من المهارة والحذق. فإذا كان الشعب الألماني وعدده ثمانون مليوناً من الأنفس قد اعد لتصديق كل شيء يلقي عليه بغير تردد، فلماذا يكلف النازي أنفسهم إخباره بالحقائق المريرة المتعسفة. والأكاذيب المتقنة والوعود الخلابة أسهل وأجدى

إلا أن هذه الظاهرة المعهودة في الخلق الألماني منذ قرون، لا تلبث أن تثير غضب الرأي العام حينما يصل خداع الشعب إلى أقصى حدوده وتفتضح الحقائق التي كانت في طي

<<  <  ج:
ص:  >  >>