للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[العالم المسرحي والسينمائي]

المعجزة

لناقد الرسالة الفني

النقاد عادة من أدق الناس في مسائل الذوق الفني، فهم بطبيعة عملهم كقضاة، قاسون لا يرضيهم من الأعمال إلا كل عظيم جليل، ولهذا فإن اختيارهم يكون بلا ريب ممتعاً، وقد أيد زميلنا وصديقنا الناقد المسرحي الأستاذ محمد على حماد هذا الرأي باختياره هذه القصة وقيامه بترجمتها للمسرح المصري ترجمة سلسلة الأسلوب سهلة اللفظ تلائم رواد المسرح

والرواية قطعة فنية رائعة من تأليف الكاتب الإنجليزي (رودولف بيزير) نالت في إنجلترا نجاحاً كبيراً دعا الكتاب الفرنسيين إلى نقلها لمسرحهم ودفع بأكبر شركة سينمائية في العام إلى اقتباسها. وقد أتيح لرواد السينما أن يروا شارلس لانتون ونورما شيرر وفريدريك مارش يقومون بالأدوار الرئيسية في هذا الفلم الذي نال الجائزة الأولى للعام الذي اخرج فيه. واللذين شاهدوا الفلم ثم رأوا القصة تمثل على مسرح الأوبرا لابد أحسوا بأن المسرح قد ابرز عوامل الجمال فيها في حين أن الفلم قصر عن أداء هذه المهمة كاملة

لست في حاجة إلى ذكر ملخص الرواية فموضوعها معروف لان أشخاصها ظهروا على مسرح الحياة في العهد الفكتوري، فالبطل روبرت بروننج شاعر إنجليزي كبير له دواوينه وأعماله الأدبية، والبطلة اليزابيث باريت شاعرة رقيقة العاطفة تزوجت من بروننج؛ وقد نشرت مجموعة الرسائل التي تبادلها البطل والبطلة والتي استمد منها المؤلف مادة قصته

لست أوافق من قام بالتلخيص المنشور في البرنامج الذي توزعه الفرقة القومية من أن القصة تدور في أساسها حول ذلك النزاع القديم المتجدد بين جيل وجيل، وبين فكرة وفكرة، وبين الآباء المحافظين الذين يريدون أن يفرضوا آراء أجيالهم الغابرة على أبنائهم الخ، فلو أن القصة تقوم على هذا الأساس وحده لما استحقت أن توصف بأنها عمل فني؛ فقد سبق المؤلف كثيرون إلى طرق هذا الموضوع. والواقع أن في القصة تحليلا نفسيا عظيما لشخصية الأب وشخصية الفتاة؛ ومن يتتبع القصة بانتباه تبرز أمامه الحقيقة الواضحة التي يعنيها المؤلف ويصورها بدقة، وهي أن الأب يحب ابنته - دون أن يدري - حبا جنسياً

فالعاطفة الجنسية هي سر حبه لابنته، ولكنه لا يدري هذه الحقيقة؛ فابنته ثمرة الحب ولدتها

<<  <  ج:
ص:  >  >>