للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الحروف اللاتينية لكتابة العربية]

للدكتور عبد الوهاب عزام

سمعت منذ شهرين أن سعادة عبد العزيز فهمي باشا الذي اقترح على مجمع اللغة العربية أن تكتب اللغة العربية بالحروف اللاتينية، يطبع كتابا يجيب فيه على المعترضين على رأيه، فقلت لمن أخبرني: جدير بكل ذي رأي أن يدفع عنه حتى يتبين للناس إنه مصيب أو يتبين له هو إنه مخطئ

ثم أرسلت ألي نسخة من الكتاب منذ عشرة أيام فتعجلت النظر فيه آملاً أن أجد جدالاً يمليه الإنصاف، وتحوطه التؤدة والأناة، ويقصد إلى الغاية على طريق مستقيم لا يجور به الهوى، ولا تحيد عنه العصبية، ولا يقطعه الكلام في غير الموضوع على غير وجه

ثم عبرت الكتاب فإذا المؤلف يعدد في القسم الثاني من كتابه ثلاثة وعشرين عنوانا متوالية على العدد، ويحاول بعد كل عنوان أن يذكر اعتراضا ويرده، ولو استقام البحث على هذه الطريقة لاستوعب المؤلف الاعتراضات كلها، وأجاب المعترضين جميعا غير معرج على الأشخاص، ولا هانو عن الجدال في الرأي إلى الاستهزاء بصاحبه والافتراء عليه. ولكن الأستاذ عرض في بعض هذه العنوانات لذكر أشخاص بأوصافهم أو بأسمائهم. وأطال في تجريحهم بأشياء توهمها لا تتصل بموضوع الجدال صلة قريبة أو بعيدة، على حين أوجز في الفصول التي ردّ فيها الاعتراضات غير مبال بالأشخاص. فنم صنعه عن قصده إلى الانتقام من ناس خالفوا رأيه، ودل فعله على أن تجريح هؤلاء ينال من اهتمامه نصيبا أكبر من الاعتراضات التي جادل فيها

وقد قرأت الفصل الخامس عشر الذي تكلم فيه عن كاتب أرسل إليه بالبريد صحيفة فيها مقال يجادله فيه. قرأت هذا الفصل متعجبا مشدوها لا أكاد أصدق أن هذا الهجوم الحاقد والطعن المتدارك خطه قلم الأستاذ الجليل. وحسبت أن الأستاذ ترك الموضوع إلى هذا الطعن والتجريح في أمور لا صلة لها بالموضوع عقابا لرجل يعرف الباشا إنه يستحق ما يرميه به، ويرى ألا يضيع الفرصة للانتقام منه. وحسبت أن الرجل لو لم يكن جديراً بهذا ما رماه به المؤلف. ثم عرفت الرجل المقصود من بعد فإذا هو رجل مجاهد مخلص يعمل دائباً صامتاً لا يماري ولا يفتري. فلبثت حيران لا أدري ما وراء هذا من سر. وللرجل قلم

<<  <  ج:
ص:  >  >>