نقول:(إن المقارنة بينه وبين قواد الطراز الأول في الزمن القديم تقدمه إلى المرتبة الأولى بين أكبر القواد، ومنهم الإسكندر وبلزاريوس اللذان حاربا عدوا كعدوه في ميدان كميدانه. فالإسكندر في وقعة اربل هزم جيشا فارسيا تقدر عدته بمائة ألف من الفرسان والمشاة، وبلزاريوس في وقائع أرمينية هزم جيشا فارسيا تقدر عدته بأربعين ألفا أو قرابة الأربعين، والمقارنة بين خالد بن الوليد وهذين القائدين ترجح كفته على كفتيهما معا في هذا الميدان، لأن الإسكندر كان يقود خمسة وأربعين ألفا، وبلزاريوس كان يقود نيفا وعشرين ألفا، وكلا الجيشين مسلح بأمضى الأسلحة في ذلك الزمان)
أما الفن العسكري عند خالد فلو أننا نقلنا ما ذكرناه عنه في الكتاب لضاق به المقام، وحسبنا أن نشير هنا إلى فقرة واحدة تدل على جملة أوصافه حيث نقول:(. . . إنه لم تعوزه قط صفة من صفات القائد الكبير المفطور على النضال، وهي الشجاعة والنشاط والجلد واليقظة وحضور البديهة وسرعة الملاحظة وقوة التأثير، وأنه كان يضع الخطة في موضعها ساعة الحاجة إليها، فكان يحارب بالصفوف كما كان يحارب بالكراديس، وكان يحارب بالكمين والكمينين كما يحارب أحيانا بغير كمين، وكان يستخدم التورية والمباغتة والسرعة على أنماط تختلف باختلاف الدواعي والأحوال. وقد علم أن تمزيق الجيوش أجدى في الحرب من الحصار والاحتلال، وعلم أن الخبر قوة وسلاح، فكان يستطلع أخبار العدو ولا يتيح له أن يستطلع خبرا من أخباره، وأجدى من ذلك كله إنه كان لا يغفل عن القوة الأدبية يعززها ما استطاع في جيشه ويضعفها ما استطاع في جيش عدوه)
وهذا قليل من كثير مما كتبناه عن عبقرية خالد الحربية مجموعاً في الفصل الخاص بها أو موزعاً في سائر أجزاء الكتاب
فلا نريد أن نقول إن الناقد الأديب قد تجاهله عامدا أو قرأه ولم يفطن إليه، ولكننا نقول أنه قرأ جانباً من الكتاب وفاته جانب آخر أو جوانب أخرى، وهو على ذلك مشكور لحسن قصده والتمهيد لهذا البيان في تصحيح ملاحظاته، وتيسير الحكم للقراء فيما قلنا وما قال