حدث ذلك في كنفارا عندما تعرفت على حماري الأسود الصغير. كان ذلك اليوم يوم السوق. فرأيته واقفا بجوار حاجز لا يبالي بالعالم، ويبالي العالم به. وأعجبت به منذ اللحظة الأولى التي وقعت فيها عيناي عليه. وكنت في رغبة للحصول على حمار. فقد كنت متبرما من التجول على قدمي. ألا يكفي هذا الرفيق الصغير ليحملني وحقيبتي وحاجاتي؟ وفكرت: لعلي أستطيع الحصول عليه بثمن بخس.
ثم سألت عن صاحبه: بيد أني نقبت عنه في كافة أرجاء البلدة قبل أن أجده يتسكع أمام دار العمدة. كيف! يبيع الحمار؟، ولماذا لا يبيعه مادام أنه سيحصل على ثمنه؟ نعم ثمنه إنه لا يرغب في قرش زائد عن ثمنه. لولا هذه الأيام العجاف ما فارقه عنه مطلقا - لا لا خوف منه؟ إنه حمار صغير جميل يستطيع أن يقطع في سهولة عشرين ميلا يوميا. لو استطاع أن يطعمه الشوفان مرة واحدة في الشهر، فلن يفوقه أي جواد!
وجعلنا نتباحث في طباع الحيوان. وما أبرع مدح صاحبه! ليس هنا حمار، منذ أن حلت الحمير بأيرلندا، في مثل نشاط هذا الحمار، وعقله وبعد نظره!
وقال لي ذلك الأستاذ - في المديح (أتعرف عاداته؟ إذا أعطيته حفنة من الحبوب صباحا، فإنه يحتفظ ببعضها عندما لا تكون هناك حبوب - بحق كتب روما السماوية أنه يفعل ذلك) وهنا ضحك أحد الموجودين، فواجهه الرجل قائلا (ما الذي يضحكك أيها الأبله؟) ثم قال لي (أليس من العقل أن يحتفظ بجزء من طعامه؟ ألم يحدث لي في بعض الأحيان أن أكون في حالة عسر فأسطو على طعامه؟ لو لم يكن هذا الحيوان لمت جوعا أنا وأولادي الإثنا عشر)
وسألت في حذر: هل في استطاعة هذا الحمار العاقل أن يميز بين حنطة صاحبه وحنطة جيرانه. فأجاب الرجل (إنه أمين أمانة الكاهن. لو كانت كل الحيوانات مثله، لما كانت هناك حاجة إلى تشييد حواجز أو حفرات أو أسوار. لم تكن هناك حاجة إلى مثل ذلك