كثيراً ما بحث الأدباء في النساء وصفاتهن وما يحمد ويذم من أخلاقهن، فوصفوا المرأة الصالحة والزوجة الموافقة، كما أفاضوا في ذكر صفة المرأة السوء وشرها. فاحسن النساء عندهم من كانت شريفة في قومها، كاملة في عقلها، فصيحة اللسان صادقة محبة لزوجها، حافظة لسرها؛ وشرهن من كان كلامها وعيداً وصوتها شديداً، تدفن الحسنات وتفشي السيئات، صخوب غضوب ضيقة الباء. إلا أن هذه الصفات التي ذكروها لم تبن على استقراء علمي ولا تحليل نفسي. فما هي صفات النساء وما هي أنواعهن عند العلماء؟
بينما كنت ذات مرة القي درساً في علم النفس على تلاميذ لم يتجاوزوا الثامنة عشر من سنهم قال لي أحدهم بعد أن ذكرت صفات الحوادث النفسية: هل تنطبق هذه الصفات على المرأة، أم في الأرواح تذكير وتأنيث؟ إن هذا السؤال - بالرغم من سذاجته - يتضمن شبه فلسفية عميقة. فهل تشعر المرأة كما يشعر الرجل؟ وهل تفكر كما يفكر أو تريد كما يريد؟ وهل تختلف مشاعرها عن مشاعر الرجل كما يختلف جسمها عن جسمه؟
قال بعضهم: إن الفرق بين المرأة والرجل في الحس والفكر والإرادة عظيم جداً، وإن المرأة كانت في الجماعات الابتدائية للرجل لا فرق بينهما وبين العبد، حتى لقد ذكر أن أحد المجامع المقدسة في القرون الوسطى تناقش في هذا السؤال: هل للمرأة نفس أم ينفرد الرجل وحده بهذه الصفة الإلهية؟ وقد ساقهم إلى هذه المناقشة ما جاء في التوراة عن خلق المرأة من ضلع من أضلاع الرجل، وقول آدم: هذه عظم من عظامي ولحم من لحمي، وعدم قوله إنها ذات نفس شبيه بنفسه.
وزعم آخرون أنه لا فرق بين الرجل والمرأة في الحس والعقل والإرادة، وأن الفرق بين الرجال أنفسهم اكثر من الفرق بينهم وبين النساء. فمما قاله أفلاطون: لا فرق بين الرجال والنساء. يجب أن يكون عدد النساء في جيش الجمهورية مساوياً لعدد الرجال. ويجب عليهن أن يتعلمن استعمال السلاح وركوب الخيل. وينبغي لهن أن ينزعن ثيابهن لممارسة الرياضة البدنية وألا يخجلن من ذلك كله لأن احسن ثوب يصون المرأة هو ثوب الفضيلة.