للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[هذا العالم المتغير]

للأستاذ فوزي الشتوي

جراحة القلب ومعجزتها

هي معجزة جديدة في عالم الطب. فلم يعد الرصاص الذي يصيب القلب من العوامل التي لا علاج لها. وقد تمت المعجزة خلال الحرب، وصقلت تجاربها على قلوب الجنود الذين كانوا ينقلون بالعشرات إلى المستشفيات، وفي قلب كل منهم أو في رئتيه رصاصة أو شظية. كان الطبيب في الماضي يكتفي من مجرد رؤياها بأنه لا آمل في حياة المصاب.

أما الآن فتيسر للأطباء إنقاذ مئات الأرواح التي كان الطب القديم يفقد الأمل في حياتها. وهؤلاء الأفراد الذي استخرجت الأجسام الصلبة من قلوبهم أو من رئاتهم يعيشون في أتم صحة ويواصلون حياتهم كأن رصاصة لم تخترق قلوبهم أو تمزق أنسجة رئاتهم.

وليست معجزة اليوم جراحية في كل تفاصيلها فجزء كبير منها من عمل المريض نفسه، ومن المعونة التي يلقاها الطبيب من المصاب ذاته. فعندما تخترق إحدى الرئتين مادة غريبة تتوقف هذه الرئة عن العمل. ويعيش المريض فترة يتنفس برئة واحدة. وهي سنة طبيعية في الإنسان تمنع عنه الإحساس بالألم المبرح.

فإذا أزيل الجسم الغريب من الرئة فواجب المريض أن يتعلم كيف يتحرك ذلك الجزء الذي توقف عن أداء عمله. وهي مسألة لا يتيسر لي أو لك إنجازها، فهي تحتاج إلى بعض المران الذي عرفه الأطباء لتحريك تلك الرئة المضربة عن العمل، فإن هي إلا فترة حتى يتعلم المصاب كيف يعيدها إلى سابق واجبها.

وعمليات القلب الجراحية من العمليات الدقيقة الشاقة فيتحتم أن يحدد الطبيب مكان الجسم الغريب من القلب تماما حتى يصل إليه مشرطه ويقبض عليه ملقاطه من أصغر فتحة. ويستلزم هذا أن يجري للمصاب كشف بالأشعة في عدة أوضأ قد تصل إلى العشرة وعلى ضوء هذه الصور يحدد الجراح موقع الجسم الغريب وحجمه بالضبط.

ووصف أحد الكتاب إحدى العمليات التي شاهدها لاستخراج رصاصة من عيار ٣٠ مليمترا من قلب أحد الجنود فأدهشه ما بدا عليه من هدوء وثقة برغم أنه كان يعرف ما سيحدث له فلما نقل إلى غرفة العمليات حقتنه الطبيبة المختصة بالمخدر فلم يلبث أن راح

<<  <  ج:
ص:  >  >>