للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[دراسات في الأدب]

للدكتور عبد الوهاب عزام

الأدب والنقد والتاريخ

يبين الأديب شاعراً أو كاتباً عما يدرك ويتصور ويتخيل من مشاهد العالم ومعانيه. يصف مرأى جميلاً أو دميماً ويعرب عن إحساس مؤلم أو لذيذ. وتارة يكون موضوع الأديب مظاهر الأدب لا مظاهر العالم. يصف قصيدة أو مقالاً يبين ما فيهما من بلاغة وجمال أو ما يعوزهما من قوة في المعنى وسلاسة في اللفظ، أو يعرض للشاعر والكاتب يبين ما فطرا عليه من طبع وما واتاهما من علم، وما يسر لهما في موضوعات البلاغة وأساليبها أو يأخذ عليهما قصوراً في الإدراك أو عياً في البيان وهلم جرا. وربما يتناول الباحث موضوعات من الأدب يصف تقلبها على مر العصور، أو طائفة من الأدباءيصف تواليهم على الزمن واخذ بعضهم عن بعض وتقبل بعضهم بعضاً. فيخرج للناس صورة للأدب في عصر أو أعصر.

هذا كله من الأدب، ولا يسوغ أن نخرج من الأدب المقالات التي تنقد الأدب أو تؤرخه

١ - لأن الباحث في قصيدة أو مقال يصف ما أوحت إلى نفسه هذه القصة وهذا المقال وما أدرك فيهما من جمال وما اشرب قلبه من حب أو بغض. وفرح أو حزن. فهو كالذي يصف مشهدا جميلاً أو دميماً في العالم أو أمراً حزيناً أو بهيجاً من أمور الحياة

٢ - ولان الناقد والمؤرخ مهما يستعمل الفكر والعقل ويذكر العلل والنتائج إنما يحكم بعاطفة ويقيس بوجدان فلن يستطيع أن يدخل دائرة العلم المحض ما كان موضوع بحثه الأدب والأدباء

يتبين من هذا أن الأدب له فروع: إنشاء ونقد وتاريخ. ويمكن أن نرد هذه الفروع إلى فرعين: أدب ذاتي وأدب موضوعي، وهذا يشمل النقد وتاريخ الأدب ويزيد وضوحاً فيما يلي:

الأدب الذاتي النفسي هو الكلام الذي ينشئه صاحبه إبانة عما في نفسه. والأدب الموضوعي هو الكلام الذي يقصد به تبين ما في الكلام الأدبي من محاسن ومساوئ، أو الإبانة عن فضل شاعر على آخر، أو ترجيح طريقة من البيان على طريقة، أو بيان أطوار الأدب في

<<  <  ج:
ص:  >  >>