[الرقص. . .]
للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي
نشر أحد الكتاب مقالة صالحة في (البلاغ) الغراء ذكر فيها الرقص وبيّن محاسنه، وحض الناس عليه. والرقص شيء حسن لا يجادل في فضائله وحسناته مؤمن
(الرقص) شيء حسن ... ليس به من حرج
أقل ما فيه ذهاب ... الهم عن قلب الشجي
وقد كان الآباء المتقدمون يتعلمون الرقص ويرقصون. ولإسحاق الموصلي (كتاب في الرقص والزفن) ذكره ياقوت في (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)
وفي (السيرة الحلبية): (عن أبي بشر أن النبي وأبا بكر مرا بالحبشة وهم يلعبون ويرقصون فلم ينكرعليهم، وبه استدل أئمتنا على جواز الرقص حيث خلا من التكسر)
وقال ابن عساكر في تاريخه الشهير:
(كان العباس بن الوليد بن عبد الملك فارساً سخياً، وكان يقال له فارس بني مروان، وافتتح مدناً وحصوناً من بلاد الروم. وكان الوليد يجد بالعباس ابنه وجداً شديداً، وكان له من قلبه أحسن موقع، فأدبه بجميع الآداب حتى علمه الرقص وضرب الطبل)
وفي كتاب (نفح الطيب من غصن الأندلس الرطب): (كان المنصور بن أبي عامر) (سلطان الأندلس) قد عزم في يوم على الانفراد. فأمر بإحضار من جرى رسمه من الأدباء والندماء، وأحضر الوزير (أحمد بن شهيد) في محفة لنقرس كان يعتاده، وأخذوا في شأنهم. فمر لهم يوم لم يشهدوا مثله، وطما الطرب، وسما بهم حتى تهايج القوم ورقصوا، وجعلوا يرقصون بالنوبة حتى انتهى الدور إلى أبن شهيد. فأقامه الوزير أبو عبد الله ابن عباس فجعل يرقص وهو متوكئ عليه، ويرتجل، ويومئ إلى المنصور وقد غلبه السكر:
هاك شيخاً قاده عذر لكا ... قام في رقصته مستهلكا
لم يطق يرقصها مسثبتاً ... فانثنى يرقصها مستمسكا
عاقه عن هزها منفرداً ... نقرس أخنى عليه، فتكا
من وزير فيهمُ رقاصة ... قام للسكر يناغي ملكا
أنا لو كنت كما تعرفني ... قمت إجلالاً على رأسي لكا