لن يصدق القارئ بعد أن يفرغ من قراءة هذا الكتاب، أن مؤلفه شاب لم يتجاوز الثلاثين من عمره، فلو أن كاتباً أفنى عمره الطويل في البحث والاطلاع لينتج مثل هذا الكتاب لضمن لنفسه الامتياز والتفوق. إنه يسحرك ويستهويك من أول جملة في المقدمة إلى آخر جملة في النهاية، أنه يرضي ذوق الأدب، وروح الشاعر، وعقل العالم، ومنطق الفيلسوف
هو بحث سيكلوجي، يعرض عليك النفس، في ثوب تحليلي رائع، وتعبير أدبي موسيقي بديع، وإنك لتجد فيه رشاقة الأسلوب وقوة التعبير والتحليل، وسلاسة المنطق وسلامته، والمعرفة بأسرار النفس وخفاياها، وطبيعة تكوينها، ورأى العلماء والأديان فيها، ومدى ارتباطها بالحياة، وارتباط الحياة بها.
وهو يضع الإنسان بين المادية والروحية، وبين المذاهب الاجتماعية المختلفة والأديان السماوية، ويسلط عليه هذه الإشعاعات، ليقنعك فتقتنع معه بأن الإسلام دين فطرة، دين الحياة والأحياء.
نه يقول في المقدمة:(بينما يتطرف فرويد، في إطلاق النفس من عقالها، ورفع الكبت عن الغرائز المحبوسة، وتتطرف المسيحية من الجانب الآخر في فرض الكبت على الطاقة الحيوية للإنسان. يقف الإسلام بينهما موقفاً وسطاً، ولا يطلق الإنسان من عقاله، إلى الحد الذي يرده حيواناَ ويلقى ما تعبت الإنسانية من الوصول إليه في جهادها الطويل، من ضوابط لنزعات الحيوان)
هكذا في إيجاز بسيط يعرض عليك موضوع الكتاب موجزاً في بضع جمل، ثم يفصله لك تفصيلاً، يقنعك كل ما فيه بصدق ما يقول
وإنه ليفجؤك بالرأي أحياناَ، فيترك في نفسك مجالاَ للتساؤل والحيرة، ثم لا يلبث أن يعيد