للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليك أمنك وطمأنينتك ويردك إلى نفسك، ويرد نفسك إليك، فعند ما يقرأ الفصل الأول من الكتاب (نظرة المسيحية) وتطالع أولى فقراته:

(المسيحية دعوة مخالفة لطبيعة الحياة والأحياء، دعوة ترتفع بالإنسان عن نفسه، وتصل به إلى الآفاق العليا التي تسمو عن الجسد والمادة، الآفاق الطليقة من قيود الأرض. ومن نوازع الشهوات) (إنها قصيدة رومانتيكية ساحرة، وحلم جميل لشاعر نبيل - ولكنها مع ذلك مخالفة لطبيعة الحياة والحياء -)

لا شك أن سؤالاَ يقوم نفسك؟! كيف تكون المسيحية مخالفة لطبيعة الحياة لا يتركك في هذه الحيرة طويلاً فيجيبك الإجابة المقنعة البسيطة الصحيحة.

(المسيحية حقنة مضادة للمادية اليهودية والرومانية التي كانت شائعة يوم بعث المسيح، فلزم إذن أن تكون كلها روحانية متسامية، لتتعادل مع تلك المادية، لعلها تصلح النفوس، ولكنها ليست نظاماً طبيعياً للحياة الدائمة في كل الأجيال وفي كل الشعوب) ثم يضرب لك الأمثال.

وحينما يتحدث عن فرويد، يعترف أنه عبقرية فذة، ولكنه لم يكن على صواب دائماَ فيما يبديه من الآراء. أنه ينكر عليه (نظرته إلى الإنسان على أنه كائن أرضي بحت، لايرتفع بمشاعره وعواطفه عن عالم الأرض إلا في حالات الشذوذ)

وينكر عليه وعلى دارون وعلى الغربيين عامة (هذه الروح المادية المتنكرة لكل قوة خارجة عن حدود الأرض، ولا نؤمن إلا بميدان العلم التجريبي) ثم يناقش هذا الرأي فيقول:

(إن العلم ما يزال في طفولته، وما يزال كل يوم يصل إلى آفاق جديدة، فيلغي إلغاء تاما معلومات كان ينظر إليها على أنها حقائق نهائية لا تقبل الجدل، ولا تحتمل التأويل)

إنه يريد من هؤلاء جميعاَ أن يقولوا قولاً غير هذا، يتمشى مع العقل والواقع أنه يريد من قائلهم أن يقول:

(إنني توصلت بالشواهد الثابتة، والتجارب المؤكدة، إلى إثبات كذا وكذا من الأمور، ولكن أمورا أخرى فاتتني ولم أستطع إدراكها، ومنها سر نشوء الحياة على ظهر الأرض والسر الذي يجعل الأحياء تتشبث بالحياة، وتتطور تبعاَ لذلك لمواجهة ما يحيط بها من ظروف، ثم

<<  <  ج:
ص:  >  >>