[صور من الشعر الحديث في العراق]
للأستاذ إبراهيم الوائلي
الرصافي
وفي قصيدة للرصافي (رقية الصريع) استعراض لموظفي الأتراك والطرق التي يسلكونها لبلوغ المراكز الحكومية والوصول إلى كراسي الوظائف. وتبدأ هذه القصيدة بالحنين إلى العدل الذي طال انتظاره وضاق الصبر عنه، وبالسخط على هذه الحكومة التي انحرفت عن الطريق المستقيم فنشرت الفظائع وكتبت صكوك العدل حبراً على ورق، وجعلت الوظائف سلعة تباع وتشترى، فلا يستطيع شراءها إلا الغني الجاهل بما نهب وارتشى، ويعجب الشاعر من أن هذه السوق التي تباع بها الوظائف وتشري تسمى دار الخلافة:
يا عدل طال الانتظار فعجل ... يا عدل ضاق الصبر عنك فأقبل
كيف القرار على أمور حكومة ... حادت بهن عن الطريق الأمثل
في الملك تفعل من فظائع جورها ... ما لم نقل ونقول ما لم نفعل
ملأت قراطيس الزمان كتابه ... للعدل وهي بحكمها لم تعدل
أضحت مناصبها تناع وتشترى ... فغدت تفوض للغنى الأجهل
تعطى مؤجلة لمن يبتاعها ... ومتى انقضى الأجل المسمى يعزل
فيروح يسري ثانيا وبما ارتشى ... قد عاد من أهل الثراء الأجزل
فيظل في دار الخلافة راشيا ... حتى يعود بمنصب كالأول
سوق تباع بها المراتب سميت ... دار الخلافة عند من لم يعقل؟!
ويعود الشاعر إلى رأيه السالف في هذه الحكومة المستبدة:
أبت السياسة أن تدوم حكومة ... خصت برأي مقدس لم يسأل
مثل الحكومة تستبد بحكمها ... مثل البناء على نقاً متهيل
ويتفق الرصافي مع الزهاوي في مروق الخليفة العثماني عن هدى النبي وتركه أحكام القرآن. ينفقان في الفكر والأسلوب والاستفهام الذي ينطوي على استنكار شديد لأعمال هذا الخليفة، فقد رأينا الزهاوي يثور على الخليفة ويشجب أعماله وذلك بقوله:
أيأمر ظل الله في أرضه بما ... نهى الله عنه والنبي المبجل