للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وليس فينا من ينكر عليهم أدبهم وغوصهم لالتقاط المعاني واستخلاص الآراء. ولسنا ننكر عليهم توسعهم في المعرفة وامتلاكهم لناصية الكلام والبلاغة والبيان. ولكننا نعرف أنهم كانوا يريدون بث دعوتهم على نطاق وسع ونشرها بين الناس على كافة طبقاتهم، غير مقتصرة على طائفة ولذلك عمدوا إلى وضعها في أسلوب بسيط ممتع تستطيع العامة قبل الخاصة أن تفهمه وأن تستوعبه.

وثمة حقيقة أخرى تظهر بوضوح مدى التفكير البعيد الذي سبقنا الجماعة إليه قبل مئات السنين، فقد حدث أنه بعد أن ألفت الرسائل أرسلت سرا وبواسطة مبعوثيهم إلى بعض الدول الإسلامية. وفي وقت وفي ساعة متفق عليهما ظهرت هذه الرسائل في مساجد هذه البلاد المهمة وأمكن الاطلاع على ما فيها. وقد يكون هذا جائزاً في عصرنا الحالي، عصر السرعة، حيث يقوم التليفون واللاسلكي والطائرة. أما يوم كانت واسطة الانتقال الوحيدة الدابة والجمل فإنه أمر يدعو إلى الدهشة وإلى أعمال الفكر. . . وهكذا سبقنا أخوان الصفا إلى كثير مما عمدنا إليه اليوم، وهكذا سبقونا في الفكرة ثم في كيفية التنفيذ.

حسين الهمداني

<<  <  ج:
ص:  >  >>