بمناسبة مرور إحدى وأربعين سنة على وفاته إذ توفي في يوم
٩ مارس سنة ١٨٩٧ ودفن بالأستانة في مقبرة (نشان طاش)
حتى شيد له مقبرة خاصة المستر (كراين) سنة ١٩٢٧م
بهذا الاسم تنطق ملايين الشفاه عند ذكر نهضات الشرق وعند أي مناسبة سياسية أو ظاهرة وطنية، يذكرونه بالثناء والإعجاب، ويتناولونه بالمدح والفخار؛ يتعجبون لصبره وأناته وعمله وجهاده، وكلما تذكروه أو تكلموا في تاريخه فكأن وحياً من الشجاعة هبط عليهم، وروحاً من العزة سرت فيهم، ودبيباً من اليقظة نبههم؛ فقد كان جريئاً في الحق، قوياً في وجه العدو، رابط الجأش ثابت الجنان، في نفسه ثورة مشتعلة ولهب يتطاير، وآمال وثابة إلى المجد والرفعة
نكتب عن السيد جمال الدين، ومن الفخر أن يتحدث المرء عنه ما وسعه الحديث، وأن يطنب في سيرة شخصيته الفذة ما شاء؛ فالتحدث عن تاريخ هذا الفيلسوف الحكيم يشرح الصدر ويغمر النفس بالفرح والإعجاب؛ والإطناب في الكلام عن هذا الزعيم الكبير لا يمله إنسان
فلجمال الدين أثره البين في نهوض الشرق وتطلعه إلى الحرية، فقد ظل الشرق زمناً طويلاً خاملاً يرزح تحت نير العبودية، ويرسف في أغلال الاستعمار؛ فلما جاء السيد جمال الدين نفخ فيه روح اليقظة، وأهاب بالأمم الإسلامية أن تطرح ذلك الجمود الفكري وتلك الأوهام التي ليست من الإسلام في شيء، والتي كانت سبباً في تأخر المسلمين
فكان شأن السيد جمال الدين في الناحية الدينية مثل شأن (مارتن لوثر) في الديانات المسيحية؛ وكان شأنه في الناحية الفكرية مثل (جان جاك روسو) وغيره من فلاسفة الفكر؛ وكان شأنه في السياسة وتحرير البلاد من يد الغاصب مثل شأن (واشنطن) محرر (أمريكا) و (مازيني) محرر إيطاليا وغيرهما من رجال السياسة
وبالجملة كان لجمال في كل ناحية من نواحي الإصلاح والتجديد أثر ظاهر وفضل لا ينكر