كان في بلدة صورات من أعمال الهند مقهى يجتمع فيه المسافرون من جميع أطراف العالم فيتحاورون ويتسامرون.
وفي يوم من الأيام هبط إلى هذا المقهى عالم روحاني فارسي أفنى حياته في درس اللاهوت وفي التأليف فيه. ومن كثرة ما فكر وقرأ وكتب وناقش اختلط عليه الأمر وأصبح لا يعتقد حتى بوجود إله. فلما سمع الشاه بذلك نفاه عن بلاد فارس.
وكان لهذا الرجل عبد أفريقي لا يفارقه لحظة، فلما دخل سيده المقهى جلس هو على صخرة بجانب الباب تحت أشعة الشمس يطرد عنه الذباب. فلما استوى الفارسي على أحد المقاعد طلب من النادل كوباً من الأفيون. ولم يكد يفرغ من شربه حتى أخذ الأفيون يعمل عمله في رأسه، فقال يخاطب عبده من الباب وقد كان مفتوحاً:
(قل لي أيها العبد البائس هل تعتقد بوجود إله؟)
فأجاب العبد:(طبعاً). وفي لمح البصر أخرج من منطقته تمثالاً صغيراً من الخشب وقال: هاهو ذا. ذلك الإله الذي حماني وحرسني من يوم ولدت. وكل واحد من بلدنا يعبد الشجرة التي منها صنع هذا الإله.
دهش كل من كان في المقهى لهذه المحاورة الشاذة بين الفارسي وعبده. وما أتم العبد كلامه حتى انبرى له واحد وكان من أتباع برهمة إله الهنود وقال:(أيها الغبي الحقير! أتعتقد أن في الإمكان أن يحمل الله في منطقة رجل؟ لا يوجد غير إله واحد هو برهمة، إنه أعظم من جميع العالم، لأنه خلقه. برهمة هو وحده الإله العظيم، ولأجله شيدت المعابد على ضفاف الكانج وفيها يعبد البراهمة كهنته الحقيقيون الذين هم وحدهم يعرفون الإله الحقيقي دون سواهم. لقد مضي عشرون ألف سنة على ظهوره، وبالرغم من الفتن والثورات المتوالية ظل هؤلاء الكهنة قابضين على ناصية الأمور، وما ذلك إلا لأن برهمة قد حرسهم وحماهم طول هذه السنين).
قال ذلك البرهمي وهو يعتقد إنه أقنعهم جميعاً، إلا أن صيرفياً يهودياً كان حاضراً فأجابه