للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في مصر الإسلامية]

سياسة العرب المالية في مصر

للدكتور حسن إبراهيم حسن

أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية الآداب

كان الوالي يُعَيّن من قبل الخليفة لينوب عنه في حكم البلاد، وهو الرئيس الأعلى للقضاء والصلاة والخراج والجند والشرطة وما إليها من مهام الدولة. وكان يستعين في إدارة البلاد بطائفة من كبار الموظفين وأهمهم ثلاثة: عامل الخراج أو صاحب بيت المال، والقاضي، والقائد أو صاحب الشرطة. وكانت وظيفة الخراج أهم هذه الوظائف الثلاث

وكان الوالي يحتفظ بها لنفسه؛ وربَّما أسندها الخليفة إلى رجل من قبله فيعمل هذا مع الوالي جنباً إلى جنب: هذا يدير دفة السياسة. وذاك يتولى أعمال الدولة المالية. فكان بمثابة الرقيب على أعمال الوالي، فكأنّ مصر إذ ذاك كان يحكمها واليان من قبل الخليفة مما أدى إلى تنازع السلطة والمنافسة بين الرجلين: وذلك مما يعلل قصر عهد الولاة وعمال الخراج، وبهذا خسرت مصر تحت حكمها أكثر مما كانت ترجوه من التقدم في سبيل الإصلاح.

كان القضاء والصلاة من الأمور الجوهرية التي تناولها هذا التغيير في النظم الإدارية في عهد الإسلام لارتباطها ارتباطاً وثيقاً بالدين، وهو مصدر الحكم في الإسلام.

أما عن الخراج فقد سار عمرو بن العاص مع المصريين بمقتضى شروط الصلح من حيث تقسيم الجباية ومراعاة حال النيل في النقصان والزيادة مما أضطره أحياناً إلى تأخير الخراج على الرغم مما اشتهر عن عمر بن الخطاب من التشدد في دفعه. ذلك أن عمرا حين جبى خراج مصر في السنة الأولى من ولايته عشرة ملايين دينار لم يعجب ذلك عُمر، بل ولم يعجبه أيضاً ما كان من نقصان الخراج إلى اثني عشر مليوناً في السنة التالية، وذلك لما بلغ الخليفة من أن الخراج وصل في عهد المقوقس إلى عشرين مليوناً وأكثر، وجعله بعض المؤرخين ٢٤ , ٤٠٠ , ٠٠٠ دينار في عهد الفراعنة، وبالغ بعضهم فجعله في زمن الريان بن الوليد (وهو فرعون يوسف) ٩٠ , ٠٠٠ , ٠٠٠ دينار، فلا غرابة إذا عجب عمر من أن البلاد لا تؤدي نصف ما كانت تؤديه إن صح أن مصر كانت

<<  <  ج:
ص:  >  >>