[نفثة محزون]
للأستاذ إبراهيم عبد الوهاب
في ميعة الصبا ونضرته، وفي ربيع الحياة وزهوه، أختطف الموت أبني ولم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، ففاض صدري بهذه الكلمة تفجعاً عليه ورثاء له
عافَ الحياة ومَلَّ من أوْصابها ... لما ألَحّ الداَء في أسبابها
بَكَرَت إليه يد المنونِ ولم يكد ... يُوِفي من الدنيا على أبوابها
ورمت مَنيته إليه شباكها ... وعَدَتْ عليه بظفرها وبنابها
وطوت صحيفتَهُ ولما يَكْتَمِلْ ... عنوانُ قصتها وبَدْءُ كتابها
فمضى كأزهارِ الربيع قصيرةٌ ... أيامُها وفريدة في بابها
أبني أيُّ فجيعةٍ غدَّارةٍ ... دَهْياَء قد نزلت بفصْلِ خطابها
رمت القلوب فأقْصَدتْ حياتها ... وَمَحتْ جميل الصبر في أعقابها
وأسالت الدمع الأبيَّ كأنه ... غيثُ السماءِ هَمَي وهَطْلُ سحابها
لَهَفي عليك وأنت نِضْوٌ خائر ... تشكو من الحمى ومن أذنابها
وتبينت مضطرباً كأنك في لظى ... قَلقَا تَوجَّعُ من أليم عذابها
حلت بجسمك لا تريد فراقه ... فكأنما ألْفتْكَ من أحبابها
ورمت يديك برعدة مشئومة ... أيقنْتُ أن الموت ينذرنا بها
الجسم مرتعها ولحمك طُعْمُها ... وعصير قلبك من لذيذ شرابها
صهرتك لم ترحم صباك ولم تَهِنْ ... حتى مضت بالروح أسلابها
وقف الطبيب إلى سريرك مطرقا ... حَيْران مُغْتنمًّا لدائك آبِها
ودعا صحابته إليك فلم يجد ... رأياً جديداً أو مشيراً نابها
وأهابَ بالطب العتيد فخانه ... وأراد معجزة فما أوْفَى بها
الطب إن شاء الإله وسيلة ... تشفي من الحمى ومن أترابها
أو لم يشأ تلقاه شر رسالة ... للموت يُزْجيها إلى أربابها
قل للمؤمل في الطبيب وطبه ... إن الحياة رهينةٌ بكتابها
لا الطب يصنعها ولا أقطابه ... الله قدرها ليوم مَآبِها