للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

إلى ممثل فرنسا في سورية ولبنان

بعد تقديم واجب التحية أذكر أني علمت أنكم أصدرتم أمراً بمنع مجلة (الرسالة) من دخول البلاد السورية واللبنانية لعبارات ظننتموها تثير البغض على فرنسا في تلك البلاد. ولو كانت مجلة (الرسالة) صحيفة سياسية يهمها أن تصول في المعترك السياسي لعددنا هذا المنع وسيلة تصان بها المصالح الفرنسية في البلاد السورية واللبنانية واتخذنا منه فرصة للهجوم عل فرنسا من جديد.

ولكن الأمر يختلف عما تظنون كل الاختلاف، فمجلة الرسالة صحيفة أسبوعية لخدمة الآداب والعلوم والفنون، وقد حزنت لمحنة فرنسا بست صفحات في عدد واحد: صفحتين بقلم الأستاذ الزيات وأربع صفحات بقلمي، وما خطر في بالنا يومئذ أننا نحزن لفرنسا الاستعمارية، وإنما تصورنا فرنسا التي أنجبت باستير صاحب الفضل في الإنسانية، والتي أنجبت شامبوليون صاحب الفضل على المدنية المصرية، والتي دانت الأدب والعلم بحياة السوربون.

ولم يكن بد لمجلة تعلن حزنها لمحنة فرنسا بست صفحات من السماح لبعض معارضيها بنشر فقرات كانت على خشونتها مما تبيحه المجادلات الأدبية، وقد تولينا الرد على تلك الفقرات بما يبين غرضنا من العطف على فرنسا، ثم نشرت (الرسالة) بعد ذلك مقالاً يفيض بالعطف من أديب عرف بلادكم وهو الأستاذ البهبيتي

فأرجو - حين تطلعون على خطابي هذا - أن تلغوا الأمر الذي أصدرتموه بمنع (الرسالة) من دخول البلاد السورية واللبنانية، وأن تذكروا أن لنا مبادئ إنسانية تصرفنا عن الشواغل المحلية لأن لنا ساسة ينوبون عنا في تدبير تلك الشؤون، وإليهم يرجع الأمر في الاهتمام السياسي بمركز مصر في الشرق.

وأرجو أن تذكروا أيضاً أن بلادكم لم تستوجب العطف من أمثالنا إلا بفضل ما يؤثر من تشجيعها للحرية، ومن أجل ذلك استباحت الرسالة أن تنشر عن بلادكم رأيين مختلفين، وفقاً لما تعلمناه في السوربون من عرض ما للرأي وما عليه. وسبحان من لو شاء لهدانا جميعاً إلى سواء السبيل.

<<  <  ج:
ص:  >  >>