لما قبض الله إلى جواره الكريم المغفور له المجاهد الشيخ (عبد العزيز شاويش بك) الوكيل الأول لهذه الجمعية، تلفت أعضاؤها يبحثون عمن يملأ مكانه الخالي، فلم يجدوا غير فقيدنا العزيز الذي اجتمعنا اليوم لتأبينه. إذ كان الشيخان - أسبغ الله عليهما فيوض رحمته - نظيرين في الدعوة إلى الله والعلم بأسرار الإسلام والبذل في سبيله والوقوف على أسرار تشريعه ومناهج دعوته، مع اطلاع واسع في مقارنات الأديان، وقدرة على حل كثير من العقد الاجتماعية التي تشغل بال الشباب في ظروف الانتقال الخطير التي يجتازها الشرق الإسلامي
وإذا كان الأستاذ (شاويش) لم يمد الله في أجله طويلاً في خدمة هذه الجمعية، بعد أن اشترك بجاهه وخبرته في دور تأسيسها، وتمهيد العقبات الأولى أمامها، فقد مد الله وبارك في خدمة الأستاذ (النجار) لهذه المؤسسة حتى نمت واتسعت جهودها الدينية والاجتماعية
فمنذ ثلاث عشر سنة والفقيد دائب على القيام بواجباته فيها، يأنس به الشبان ويستفتونه في قضايا الإسلام والشبهات التي تترامى على عقولهم في فترة الانتقال واحتكاك العقل الشرقي بالعقل الغربي، وهو يفتيهم ويدحض ما يحوك في صدورهم من الشبهات، ويدخل على قلوبهم الطمأنينة ويرد اليقين وقوة العقيدة
وقد ساعده على الاقتراب من قلوبهم والدخول إلى عقولهم اتصاله بنصيب وافر من العلوم العصرية التي كان يعلم منها ما جعله ابن زمانه وربيب عصره لا رجلاً متخلفاً عن ملاحقة سير الحياة بالأحياء وسرعة نمو هذه المدنية العجيبة التي تتفتح فيها أسرار الطبيعة للعقول تفتحاً متلاحقاً يحير الألباب ويثير الدهشة، ويكشف عن كلمات الله التي ليس لها نهاية ولا نفاد!
فكان عليه رحمة الله يعلم من مباحث علوم الطبيعة والكيمياء والكهرباء وفنون الصناعات والآليات ما كان يثير إعجاب من يسمعونه وهو شيخ معمم تقدمت به السن، وتوجه فكره من قديم إلى الأدبيات وعلوم اللغة والشريعة والجدليات وما إليها من الميراث الشرقي