للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة العلم]

قصة الفيتامين

تجربة غذائية عرضية

- ١ -

لقد أثبت قديماً أفذاذ علماء التغذية مثل ليبج وفويت بناء على تجارب صحيحة أن المواد الثلاث الزلالية والدهنية والنشوية، زد عليها الأملاح المعدنية والماء هي مقومات الحياة. فالمواد الزلالية تقوم ببناء الجسم وما يتطلبه من النمو، بينما المواد الدهنية والنشوية تبعث القوة وتدعو للحركة والإنتاج الحيوي عند احتراقها. ونشير في هذه العجالة إلى المجهودات العظيمة الدقيقة التي قام بها فويت في هذا السبيل، والتي أثبت فيها بالوزن مقدار الكميات اللازمة من المواد الغذائية لحفظ الجسم ودولاب الحياة بلا اضطراب، فقدر للشخص العادي الذي يزن ٦٥ كيلو غرام ويقوم بمجهود متوسط مقدار ١١٨ جرام من المواد الزلالية، و ٥٠ جراماً من المواد الدهنية، و ٥٠٠ جرام من النشويات ككميات يومية ضرورية لحفظ حياته.

بهذا القدر يكتفي علم التغذية في تأدية رسالته ولا يبقى بعدئذ إلا التفكير في جمع هذه المواد الغذائية بالنسب المعينة وإمداد الجسم بها بطريقة ملائمة، ولكن لم يرق هذا بعض المفكرين والمشتغلين بفن التغذية في هذا الوقت، كما استبعدوا حل المشكلة الغذائية بهذه الطريقة الكيميائية السهلة. وكان جوستاف بونج الفسيولوجي الكيميائي أول من حاول تطبيق هذه النظرية، فارتأى أن الحيوانات التي تعيش على المواد الغذائية الطبيعية أكثر صحة وأوفر نشاطاً من مثيلاتها التي يقدم لها الكميات من المواد الغذائية التي أقرها العلماء. ففي سنة ١٩٠٥ قام بتجارب غذائية على فيران هيأ لها أسباب الغذاء من مواد زلالية ونشوية ودهنية وأملاح معدنية بنسب ثابتة لا ينقصها شيء. فبدأ على الحيوانات الضعف الهزال وتساقط شعرها، واتسخت عيونها اللامعة، وما لبثت طويلاً حتى نفقت.

لم يساور أحداً شك في النتائج التي وصل إليها بونج، بل اتجهت الشكوك نحو طريقة التغذية وإجرائها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>