بحث تحليلي نهديه إلى الآنسة شرلوت واصف ملكة الجمال
العالمي في هذا العام
ما هو الجميل؟ الجميل في إجماع الناس هو ما ينشئ في الذهن فكرة سامية عن الشيء في الطبيعة، أو عن الموضوع في الفن فيبعث في نفسك عاطفة الإعجاب به. ولكن ما هي على التحديد الصفات التي تبعث اللذة وتثير الإعجاب في بدائع الفن أو في روائع الطبيعة؟ ذلك ما نحاول شرحه في شيء من الإفاضة.
الطبيعة والفن إنما يحدثان أثرهما في النفس إما بالفكرة وإما بالعاطفة وإما بالشعور الصادر عن آلات الحس؛ ومن ذلك تنوع الجمال فكان عقلياً وأدبياً ومادياً ما في ذلك شك. ففي أي الجهات إذن تتعرف النفس والعاطفة والحواس وجوه الجمال؟ إن الخصائص المميزة للجمال هي القوة، والفِرَة، والذكاء؛ والمراد بالقوة شدة العمل وحدته، وبالفرة كثرة الوسائل وخصوبتها، وبالذكاء الطريقة الرشيدة المفيدة لتطبيق هذه الوسائل. ولا جدال في أن الحواس ليست كلها أهلا لنقل هذه الخصائص الجمالية الثلاث، وإنما ينفرد منها السمع والبصر بنقل أحاسيسها نقلاً قوياً يثير الدهش والإعجاب واللذة. أما الانفعال الذي يأتيك عن طريق الشم والذوق واللمس، فلا ينشأ عنه فكرة ولا عاطفة، لأن الطعوم والروائح، والملوسة والخشونة، والصلابة واللدونة، والحرارة والبرودة، أحاسيس بسيطة عقيمة قد توقظ في النفس ذكرى خابيةً أو عاطفة غافيةً، ولكنها لا تنتج واحدة منهما. وإذا كان البصر آلة الجمال الحسي أو المادي، والسمع آلة الجمال العقلي والخلقي، فإن في هاتين الحاستين الدليل على خصائص الجمال الثلاث، ذلك لأن أجمل ما يؤثر في العين والأذن هو ما بلغ من القوة والفرة والذكانة أسمى غاية؛ وجمال الأشياء إنما يتفاضل فيهما بمقدار ما يشتمل عليه من هذه العناصر؛ وكلما نقص عنصر منها أو قل، ضعف فينا الشعور بالجمال على نسبته. ما الذي يجعل لعملي النفس وهما الفكر والإرادة هذه الصفة التي تملك اللب في العبقرية والفضيلة؟ لا شيء غير القوة والفرة والذكاء، سواء أكان ما تعجب به براعة الصنع أم مهارة الصانع. إن الطِّيبة في ذاتها فضيلة، ولكنها لا تكون جميلة إلا إذا اقترنت بالقوة؛ فسقراط في الحكماء، وعمر في الخلفاء، مثلان سائران في جمال الخلق، ولكنك إذا