للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب والفن في أسبوع]

للأستاذ عباس خضر

الأستاذ توفيق الحكيم:

صدر مرسوم ملكي بتعيين الأستاذ توفيق الحكيم مديرا لدار الكتب المصرية، وقد سرني ذلك، لأمرين:

الأول ما يدل عليه هذا الاختيار من حسن التفات الدولة إلى الكفايات الممتازة والانتفاع بها فيما يناسبها من الأعمال، فهو اختيار خالص ممحض لوجهته، وشخصية توفيق الحكيم إنما تقوم على ساقين متينتين من الأدب والفن، لم يستند إلى من يقدم، ولم يسر في ركابه، ولم يصطنع غير إنتاجه، فامتداد وعي الدولة إلى خلوته يدعو إلى الارتياح الذي شعر به الجميع إزاء هذا التعيين.

الأمر الثاني ما يرجى على يده في دار الكتب، وسيرى الأستاذ الحكيم في الدار نوعين من موظفيها جديرين بالالتفات، النوع الأول جماعة من (الأفندية) يحسنون (الهنكرة) ينقلون الكلام ويلفقونه ويوقعون بين الناس، ويتقربون بذلك إلى من بيده الأمر، متخذين وسائل الملق وحسن السمت وفرط الأدب. . . حتى لا ينقض أحدهم إلا الفرجون يمسح به. . . وهذه الفئة تسد الطريق في وجه النوع الثاني. لأنها تستقبل الفوائد فتلقفها، ولا يكاد يصل شيء إلى القابعين في محاريب العلم والعمل. . . وأقصد بهؤلاء - وهم النوع الثاني - أولئك العاملين في خدمة العلم والأدب في دار الكتب، وخاصة بالقسم الأدبي، وكثير منه مضت عليه عشرات السنين هناك وخرجت على يده نفائس الكتب وذخائر الأدب محققة منسقة أدق تحقيق وأجمل تنسيق، وهم مع ذلك مرزوءون في أرزاقهم، حتى انسدت نفوسهم من الإهمال وسوء التقدير.

وليست المسألة كلها متعلقة بأشخاص أولئك العاملين في خدمة العلم والأدب في دار الكتب، وبمن يعولون، إنما هي - إلى ذلك - مسألة العلم والأدب، مسألة العمل في إخراج الكتب، فقد كاد هذا الجهاز النافع الذي كان ناشطا في ذلك المضمار جادا في تنقية موارد الفكر - كاد هذا الجهاز يشل، لعدم إيلائه ما يستحق من عناية ورعاية. وقد جعل الناس منذ سنين يتساءلون عما جرى لدار الكتب. فأقعدها عن مواصلة إخراج أمهات الكتب ومراجع

<<  <  ج:
ص:  >  >>