للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[رأي في تحديد العصر الجاهلي]

بحث قدمه إلى مؤتمر المجمع اللغوي

صاحب العزة إبراهيم مصطفى بك عضو مجمع فؤاد الأول

للغة العربية

(بقية ما نشر في العدد الماضي)

ولا نذكر التجاء اليمن إلى الفرس أعداء الروم ولا استعادتهم لنصيب من حكم بلادهم ولا سعي الفرس لبسط سلطانهم عليهم، وإنما نذكر أن بلاد العرب خلت من دولة تحكمها وتؤمن سبلها وتحمي تجارتها ووقعت في فوضى نرى بعض صورها في شعر كشعر الحارث بن حلزة إذ يقول:

هل علمتم أيام ينتهب النا ... س من غواراً لكل حي عواء

لا يقيم العزيز بالبلد السه ... ل ولا ينفع الذليل النجاء

ليس ينجي موائلاً من حذار ... رأس طود وحرة رجلاء

فهذا عندنا حد العصر الجاهلي العربي وتلك سماته التي أوحت إلى الشاعر القديم أن يقول:

لا يصلح الناس فوضى لا سراه لهم ... ولا سراه إذا تجاهلهم سادوا

وإذا نظرنا إلى الجزيرة العربية في هذا القرن وجدنا آثار المعسكرات اليمنية ومعاقلها مبعثرة في أنحاء الجزيرة.

بنو الحارث بن كعب في جنوب الحجاز وكانوا يلقبونهم ملوكاً، والأوس والخزرج في شماله، وفي نجد طي وكلب وملوك كنده - وفي عمان الأزد وفي تخوم العراق المناذرة، وفي مشارق الشام الغساسنة، وكلهم ينتسبون إلى اليمن. وقد نشبت الحروب بينهم كل يريد الملك لنفسه كما فعل قواد الاسكندر في ملكه الواسع من بعده. وثار العرب ون غير اليمن وهم العدنانيون وتطلعوا إلى الاستقلال والتفرد بالسلطان، واشتعلت الحرب بين العدنانيين واليمنيين وبين العدنانيين والعدنانيين - ونهض كل مغامر طموح، وطمعت كل قبيلة ذات قوة أن تستبد بالسلطان وغلبت عليهم حمية العداوة والثأر ومضى شعرائهم يتغنون بفظائع الحرب:

<<  <  ج:
ص:  >  >>