للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[طنجة والنظام الدولي]

ضرورة تقرير وحدة مراكش واستقلالها في المؤتمر الدولي

القادم

للأديب عبد المجيد بن جلون

تقع مدينة طنجة عند المدخل الغربي للبحر الأبيض المتوسط وهي مدينة جميلة خضعت لمؤثرات غريبة وحكم عليها موقعها الجغرافي بأن تنفرد عن أمها مراكش بالنظام الدولي.

ولسنا نريد أن نتحدث هنا عن النظم المطبقة فيها بقدر ما نريد أن نلفت النظر إلى ما لهذا النظام من أثر سيئ في حياة المراكشيين الذين يقطنونها.

وأول ما يلاحظ هو أن المدينة أصبحت وكرا من أوكار الجاسوسية في العالم، ففيها تلتقي أجناس مختلفة لا حصر لها، تفد إليها من الشرق والغرب، وبذلك تلتقي فيها الأخبار ويسهل إذاعتها والتقاطها، ولكل من الشيوعية والفاشية والديمقراطية فيها عيون ساهرة أو أفواه ناطقة. وقد كان لوجود هذا المزيج البشري الغريب تأثير عميق على أحوال المدينة العامة، فانتشرت المراقص والحانات وأمكنة المقامرة ونقل إليها هؤلاء الوافدون عليها - وهم من طبقات منحطة في الغالب - كل ما يوجد في العالم من موبقات.

ثم إن هؤلاء الوافدين عليها قد تجاهلوا أن هناك غيرهم في المدينة مع أن عدد المراكشيين ينيف على مئة ألف يشتط الأجانب في اغتصاب حقوقهم من الإدارة الدولية، ولما كانت هذه الإدارة تتأثر بعوامل مغرضة، ولما كان الفرنسيون والأسبانيون يخشون من أن يستفيد المراكشيون من الأنظمة الحرة التي يعمل الأجانب على استصدارها، فقد استطاعوا أن يصلوا إلى غاياتهم بالتفريق بين التشريعات الخاصة بالأجانب والتشريعات الخاصة بالوطنيين؛ وبذلك صدرت قوانين استثنائية لحق الأهالي منها ضرر بليغ.

صحيح أن جلالة ملك مراكش الممثل بواسطة مندوب هو السلطة التشريعية العليا للمدينة، وأن كل ما يخصها يصدر بمراسيم ملكية، ولكن كل هذا من الناحية الشكلية فقط، أما الحقيقة الواقعة فهي أن حق الاعتراض الذي يتمتع به أعضاء مجلسها قد أفقد المراكشيين كل سلطان؛ وبينما يدفع الأهالي الوطنيون ٩٠ % من ضرائب المدينة، إذا بالأجانب

<<  <  ج:
ص:  >  >>