وكان الليل جميلاً رائعاً، والقمر يصَّاعد متئداً على شمالي، وقد اجتذب إليه نظر (بريجيت) طويلاً وهو يخرج متسللاً من الأسنان السوداء التي كانت الهضبات الحرجَة ترسمها على رقيع الأفق. ورقت أغنية (بريجيت) المشجية حينما أخذ القمر يتخلص من أسوجة الغابة الكثيفة وتتسذرَّي أضواؤه في الفضاء وعلى الجلَد، فانحنت علي تطوق رقبتي بذراعيها قائلة:
(لا تظنن أنني لا أعلم قلبك، وأنني أنتسب لك لايلامك إياي؛ وليست الخطيئة خطيئتك إذا ضقت ذرعاً يا صديقي العزيز بنسيان حياتك الماضية. ولقد أحببتني وكنت مؤمناً بهذا الحب ولن أتأسف - إذا ما أسكت هواك نأمتي - على هذا اليوم الذي استسلمت لك فيه. واعتقدت أنك بُعثت إلي الحياة ثانية وأنك ستنسى - بين ذراعي - ذكريات اللواتي أضعنَك.
وا حسرتاه يا أكتاف! لقد تبسمت فيما مضى من هذه التجاريب الباكرة التي كانت لك في حياتك والتي كنت تدل بها عليَّ كالأطفال الذين لا يدرون من أمور الحياة شيئاً، وحسبت أن ليس لي إلا أن أشاء، وأن قد سيطفرُ كل ما في قبلك من صلاح وخير على شفتيك للقبلة الأولى التي منحتك إياها، وقد كنت أنتَ تحسبُ ذاك أيضاً ولكن كنا مخدوعين. أيها الطفل!. . . إنك تحمل في قلبك جرحاً لا يندمل، ويجب أن تكون قد أحببت هذه المرأة الخادعة الهاجرة حباً جماً؟ أجل. . . وأكثر مما أحببتني وإلي أبعد الحدود وا حسرتاه!. . . لأنني لم أستطع - مع حبي الشديد البائس - أن أمحو من مخيلتك صورتها! ويجب أن تكون خديعتها لك قاسية لأن أمانتي تبذل لك عبثاً؟ والأخريات الشقيات ماذا فعلن لتسميم شبابك؟ وهل كانت الملذات التي بعنها منك حادة ورهيبة لتطلب إليَّ أن أماثلهن وأتأثرهن!. . . وتذكرهن وأنت بجانبي؟ ما أقساك أيها الطفل!. . . ولأحبُّ للنفس وأثلج