لا حياة لأمة من الأمم بغير إستقرار، ولا إستقرار لها بغير بغير نضال، فالنضال في حياتها دعامة قوية يرتكز عليها إستقرارها، والأمة التي تستعذب الركود، وتستجيب لدواعي الدعة والخمول، وتتذرع بأوهى الأسباب لتظل أمة ضالة في مجاهل النسيان، مودعة في زوايا الإهمال، أو متلاشية في مهاب الأعاصير، ضائعة في زوابغ الغوغاء - هذه الأمة لن يقدر لها التربع فوق هامة المجد، ولا وقوف بين صفوف الأمم الحية، ولا التمتع بحياة العزة والهدوء، ولا الظفر بعيشة الرضا والسلام
والإسلام في ظل تطوراته، كان حريصا على إيجاد أمة قوية مهيبة الجانب، مسموعة الكلمة، ذات مكانة يعتد بها، وكيان يعترف به، وجاه تعيش في ظله مرفوعة الرأس، مصونة الكرامة، ولما لم يهب الإستقرار لأتباع الإسلام، بين ربوع مكة في المرحلة الأولى، فرض عليهم أن يهاجروا منها، راغبين عن مسقط رؤوسهم، وديارهم وأموالهم، زاهدين في أرض لم تغدق عليهم غير الذلة والمسكنة، والنت والضطهاد، فكانت هذه الهجرة أول مرحلة من مراحل النضال، وأول لبنة في بناء الأستقرار، وحرم عليهم أن يسكنوا أرضا لم تكرم وجودهم، ويعيشوا فيها أذلاء مستضعفين، حتى يفلتوا من أسوأ جزاء، وأشد عقاب:
(إن الذين توفيهم الملائكة ظالمي أنفسهم، قالوا فيم كنتم؟ قالوا كنا مستضعفين في الأرض. قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها؟ فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا)
والعدة الزم شيء للنضال، ولا يعتبر النضال نضالاً واقعياً الإ بها. والأمة التي ترغب في حياة حية ناهضة، يحتم عليها أن تكون على إستعداد للنضال في أية لحظة، فإن لحظات الغدر ليست ذات مواعيد محددة. والإسلام الذي أوجد أمة مجيدة من العدم، لم يقته أن يوجهها إلى إقتناء العدة، وإيجاد القوة، فهما حليفتا الأبطال في ميادين النضال. وخليقتان بأن تدفعاهم إلى كسب الشرف والفخر لأمتهم، وذود العار والبلاء عن وطنهم. والإسلام لم يفته أن يلفت أنظار المسلمين إلى الحديد، وأه مصدر من أهم مصادر العدة والقوة:
(واعدوا لهم ما أستطعتم من قوة، ومن رباط الخيل، ترهبون به عدو الله وعدوكم، وآخرين