قد يبدو غريباً إذا قلنا، إن التقسيم الثلاثي الجديد للجهاز النفسي من قبل العلامة فرويد لم يكن حدثاً جديداً، ولا إبداعاً علمياً، لأنه سبق أن تطرق إليه العلامة الغزالي فعندما نقول هذا القول لا يعني أننا نمقت فرويداً ونتعصب للغزالي، أو نريد أن نحط من قيمة فرويد العلمية حتى نرفع من شأن الغزالي لأن كلاً من العلامتين في غنى عن المدح والقدح. ولكننا نريد أن نبحث عن الحقيقة أينما وجدت ونتخذ (خذ الحكمة ولا يضرك من أي وعاء خرجت) لأن التفكير العلمي يقتضي التجرد عن التزمت، والابتعاد عن التعصب، وإلا اختل (التوازن العلمي) الذي يجب السير بهداه، أثناء البحث والتنقيب عن الحقائق العلمية. . .
وعناصر التقسيم الثلاثي لجهاز النفس عند فرويد هي:
١ - ألهو - وهو ذلك الجانب من النفس الذي يسود فيه مبدأ اللذة. . . بمعنى أن فيه كل الغرائز الفطرية والميول والنزعات الأولية (أو الحيوانية) التي ورثها الإنسان من حياته البدائية ومستقر هذه النزعات هو اللاشعور. وأساسها (الغريزة الجنسية) بمعناها الواسع التي (تشمل كل ما يهدف إلى اللذة في الكائن الحي).
(وألهو في بحثه عن اللذة يخبط خبط عشواء لا يعرف المنطق ولا التبصر ولا وزن الأمور، وإنما هو يندفع في قوة وعنف لإرضاء دوافعه وإشباعها لا يرعى حرمة ولا يكف لحظة).
٢ - الأنا. هو الجانب الشعوري من النفس، وهو يدين بمبدأ الواقع، ويتكون من تحول جزء من (ألهو) نتيجة الاتصال بالحياة الخارجية، أي أن هنالك (عملية تفاعلية بين مبدأ اللذة المتمثل في ألهو. . ومبدأ الواقع المتمثل في الأنا، تنتهي بتكوين الأنا تدريجياً). والأنا يقوم بأعماله وفق المنطق والعقل، خلافاً لما عليه (ألهو). ويتأمل في عواقب الأمور