للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يعاقب الإنسان على عاطفة أثارتها حوادث دامية يتفتت لها الجلمود الأصم.

محاكمة:

مثل المظفر بين يدي السلطان، وقبل الأرض فعنفه الناصر، وأخذ يعدد ذنوبه على مسامعه ويقول: (تذكر وقد رددت شفاعتي في حق فلان، واستدعيت نفقة في يوم كذا فمنعتها، وطلبت مرة حلوى بلوز وسكر فمنعتني، ويلك! وزدت في أمري حتى منعتني شهوة نفسي) فلما فرغ كلام السلطان قال المظفر: وإيش يقول المملوك لأستاذه؟ فقال السلطان: أنا اليوم أستاذك وبالأمس طلبت إوزاً مشوياً، فقلت إيش يعمل بالإوز؟ أيأكل عشرين مرة في النهار ثم طلب السلطان وتراً ليخنق به بيبرس أمامه فالتمس المظفر وضوءاً ليتوضأ، ثم خنق المظفر حتى كاد يتلف، ثم ترك حتى فاق وأخذ الملك يعنفه ويزيد في شتمه، وكرر الخنق والإفاقة والتعنيف حتى مات المظفر تحت العذاب فأنزل إلى الإسطبل على درابزين وغسل وكفن ودفن خلف قلعة الجبل وأخفى قبره، وكذلك مثل الملك بابنته وزوجه وصادر أموالهما وحتى جواهرهما بتحريض بطانته، وعلى قمة هذه المأساة وقف الشاعر يقول:

تثني عطف مصر حين وافى ... قدوم الناصر الملك الخبير

فذل الجشنكير بلا لقاء ... وأمسى وهو ذو جأش نكير

إذا لم تعضد الأقدار شخصاً ... فأول ما يراع من النصير

عطية الشيخ

مفتش المعارف بالمنيا

<<  <  ج:
ص:  >  >>