[وحي السويس]
لهفات!
لَهْفَ نَفْسِي عَلَى رِبِيعي النَّضِيرِ ... أَيْنَ يَمضِي مُطَرَّزاً بِزُهُورِي
وَشَبَابي كالْفَجْرِ غَرَّدَ فِيهِ ... كُلُّ طَيْرٍ مُسْتَيْقِظٍ فِي ضَمِيرِي
وَأَنَا شَاعِرٌ أُصَلِّي لِفَنِّي ... وَفَتَاتِي فِي مَعْبَدِ التَّفكِيرِ
الغُيُومُ الْبَيْضَاءُ يَركضْنَ رَكْضاً ... فِي أَصِيلٍ مُلَوَّنٍ مَسْحُورِ
قُدْرَةُ اللهِ صَوَّرَتْهُ فَجَاشَتْ ... فِي تَهَاوِيلِهِ فُنُونُ الدُّهُورِ
إِنْ هَذَا الأَصِيلَ، وَالأُفُقَ الْحَا ... لِمَ، وَالشَّمْسَ فِي أزرقاقِ الأَثِيرِ
كالْبَسَاتِينِ فِي الفَضَاءِ أَفَادَتْ ... عُمُرَ الوَرْدِ وَانْطِفَاَء الْعَبِير
غَيْرَ أَنّي قَدَّسْتُ أَلوَانَهَا في ... وَجْهِكِ الْمُشْرِقِ الْبَهِيِّ النَّضِيرِ
فَلأَنْتِ الأَصِيلُ وَالليْلُ وَالصُّبْحُ ... وَكَوْنٌ من الرُّؤَى والعُطُورِ
عَالَمٌ أَنْتِ. . . عَالَمٌ مُسْتَقِلّ ... يَسَعُ الْخَلْقَ فِي خَيَالِي الْكَبِير
مَا انْتِشَائي بِحُسْنِ هَذِي الْمَجَالِي ... وَهْوُ بَعْضٌ مِنْ حُسْنِكِ الْمَفْطُورِ
وَابْتِعَادُ الْمَزَارِ يَقْدَحُ فِي صَدْ ... رِي لَهِيباً مِنَ الأسَى الْمَسْعُورِ
آهِ لَوْ كُنْتِ يَا شَقِيقَة رُوحِي ... تَحْتَ جِنْحِي لاَ صُورَةً فِي ضَمِيرِي
نَتَنَاغَى تَحْتَ الْجِبَالِ وَنشْدُو ... كالْعَصَافِيرِ بَيْنَ أَيْكٍ شَجِيرِ
لِلْغُرُوبِ الذَّهِيبِ، لِلْبَحْرِ، لِلأَمْ ... وَاجِ، لِلْحُبِّ، لِلشَّبَابِ الغَرِيرِ
لِلرِّمَالِ الصَّفْرَاءِ لِلجَبَلِ الشَّا ... مِخِ لِلعُشْبِ للدُّجَى المَنْشُورِ
آهِ لوْ كُنْتِ يَا شَقيقَةَ رُوحي ... تَحْتَ جِنْحِي لا صُورَةً في ضَميري
مَالَتِ الشَّمْسُ لِلْمَغِيبِ وَأَلْقَتْ ... جِسْمَهَا الدَّامِي في الْقَنَالِ السَّحيرِ
واكْتَسَى الطَّودُ حُلَّةً مِنْ طُيُوفٍ ... غَازَلَتْهَا يَدُ الظَّلامِ المُغيرِ
وَسَرَى في الأجْواءِ رُوحٌ جَلِيلٌ ... شَاعِرِيُّ مِنْ رَهْبَةِ الدَّيْجُورِ
وزَفيفُ الْمَسَاءِ يُمْعِنُ في السَّط ... وعَلَى النًّورِ أو بَقَايَا النُّورِ
والْيَنَابِيعُ ثَجَّهَا اللَّيْلُ سُوداً ... في بِطَاحِ السَّماءِ ثَجَّ الغَدِيرِ
وَأَوَاذِي الظَّلامِ مَرْتَطِمَاتٌ ... في خِضَمّ مِنَ الدُّجَى مَسْجُورِ