قال ابن بسام: كان أبو مروان هذا أحد حماة سرح الكلام، وحملة ألوية الأقلام، من أهل بيت اشتهروا بالشعر، اشتهار المنازل بالبدر. أراهم طرأوا على قرطبة قبل افتراق الجماعة، وانتثار شمل الطاعة، وأناخوا في ظلها، ولحقوا بسروات أهلها. . . وأبو مضر أبوه زيادة الله بن علي التميمي الطبني هو أول من بنى بيت شرفهم، ورفع في الأندلس صوته بنباهة سلفهم. قال ابن حيان: وكان أبو مضر نديم محمد بن أبي عامر أمتع الناس حديثاً ومشاهدة وأنصعهم ظرفاً، وأحذقهم بأبواب الشحذ والملاطفة، وآخذهم بقلوب الملوك والجلة، وأنظمهم لشمل إفادة ونجعة، وابخلهم بدرهم وكسرة، وأذبَّهم عن حريم نشب ونعمة، له في ذلك أخبار بديعة من رجل شديد الخلابة يضحك من حضر، ولا يضحك هو إذا ندر، رفيع الطبقة في صنعة الشعر، كثير الإصابة في البديهة والروية. انتهى كلام ابن حيان. قال ابن بسام: وشعر أبي مضر ليس من شرط هذا المجموع لتقدم زمانه؛ فأما ابنه مروان هذا فكان من أهل الحديث والرواية ورحل إلى المشرق وسمع من جماعة المحدثين بمصر والحجاز، وقتل بقرطبة سنة سبع وخمسين وأربعمائة. . إلى أن قال: وجدت في بعض التعاليق بخط بعض أدباء قرطبة قال: لما عدا أبو عامر أحمد بن محمد بن أبي عامر على الحذلمي في مجلسه وضربه ضرباً موجعاً وأقر بذلك أعين مطاليبه، قال أبو مروان الطبني فيه:
شكرت للعامري ما صنعا ... ولم أقل للحذيلمي لعا
ليث عرين غدا بعزته ... مفترساً في وجاره ضبعا
لا برحت كفه مُمَكَّنَةً ... من الأماني فنعم ما صنعا
وددت لو كنت شاهداً لهما ... حتى ترى العين ذل من خضعا