كم ركعة ركع الضبْعان تحت يدي ... ولم يقل سمع الله لمن حمدهْ
والعرب تقول فلان يركع لغير صلاة إذا كنوا عن عهر الخلوة. .
قال ابن بسام: ولما صنفت كتابي هذا عن شين الهجاء، وأكبرته أن يكون ميداناً للسفهاء، أجريت ههنا طرفاً من مليح التعريض، في إيجاز القريض، مما لا أدب على قائليه ولا وصمة على من قيل فيه. والهجاء ينقسم قسمين: فقسم يسمونه هجو الأشراف، وهو ما لم يبلغ أن يكون سباباً مقذعاً، ولا هجراً مستبشعاً؛ وهو طأطأ قديماً من الأوائل، وثل عرش القبائل. إنما هو توبيخ وتعيير، وتقديم وتأخير، كقول النجاشي في بني العجلان، وشهرة شعره منعتني عن ذكره. واستَعْدَوا عليه عمر وأنشدوه قول النجاشي فيهم فدرأ الحد بالشبهات. وفعل مثل ذلك بالزبرقان حين شكا الحطيئة وسأله أن ينشده ما قال فيه فأنشده قوله:
فسأل عن ذلك كعب بن زهير فقال: والله ما أودّ له بما قال حمر النعم. . . وقال حسان لم يهجه ولكن سلح عليه بعد أن أكل الشُبْرُم. . فهمّ عمر بعقابه ثم استعطفه بشعره المشهور. . وقد قال عبد الملك بن مروان يوما: أحسابَكم يا بني أمية فما أود أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس وأن الأعشى قال فيّ:
تبيتون في المَشْتىَ مِلاَءً بطونكم ... وجاراتكم غَرثى يبتن خمائصا
ولما سمع علقمة بن علاثة هذا البيت بكى وقال: أنحن نفعل بجاراتنا هذا؟ ودعا عليه. . . فما ظنك بشيء يبكي علقمة بن علاثة وقد كان عندهم لو ضرب بالسيف ما قال: حس!. . . وقد كان الراعي يقول: هجوت جماعة من الشعراء وما قلت فيهم ما تستحي العذراء أن تنشده في خدرها. ولما قال جرَير:
فَغُضَّ الطرف إنك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا
أطفأ مصباحه ونام - وقد كان بات ليلته يتململ - لأنه رأى أنه قد بلغ حاجته وشفى غيظه. . قال الراعي: فخرجنا من البصرة فما وردنا ماء من مياه العرب إلا وسمعنا البيت قد سبقنا إليه حتى أتينا حاضر بني نمير فخرج إلينا النساء والصبيان يقولون قبحكم الله