للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقبح ما جئتمونا به. . والقسم الثاني هو السباب الذي أحدثه جرير أيضاً وطبقته، وكان يقول إذا هجوتم فأضحكوا، وهذا النوع منه لم يهدم قط بيتاً ولا عبرت به قبيلة، وهو الذي صُنّا هذا المجموع عنه، وأغفيناه أن يكون فيه شيء منة، فإن أبا منصور الثعالبي كتب منة في يتيمته ما شابه اسمه، وبقي عليه إثمه.

وحكى أبو عامر بن شهيد عن نفسه قال: عاتبت بعض الأخوان عتاباً شديداً عن أمر أوجع فيه قلبي، وكان آخر الشعر

الذي خاطبته به هذا البيت:

وإني على ما هاج صدري وغاظني ... ليأمنني من كان عندي له سر

فكان هذا البيت أشد عليه من عظ الحديد؛ ولم يزل يقلق به حتى بكى إلي منه بالدموع. وهذا الباب ممتد الإطناب، ويكفي ما مر ويمر منه في تضاعيف هذا الكتاب. ومن شعر أبي الحسن علي بن عبد العزيز بن زيادة الله الطبني مما أخذته عنه قولة:

كم بالهوادج يوم البين من رشأٍ ... يحفو علية وشاح جائر قلق

وكم برامة من ريم يفارقها ... لهفان يثنيه عن توديعها الفرق

ونرجس كفرند السيف ساومني ... ممللاً بنسم عَرقُه عبق

نادمته وشباب الليل مقتبل ... والنجم كَفٌّ يحيينا به الأفق

وفتية كنجوم السعد أوجههم ... في أوجه الحادثات الجُوزِ تأتنق

نلهو برقراقة صفراء صافيةٍ ... يكاد ينجاب عن أضوائها الغسق

يسعى بها مرهف كالغصن نعَّمه ... ماء النعيم عليه النوُر والورَق

وأنشدني أيضاً:

يا سالياً عاشقِيهِ ... وعاشقاً كل تِيهِ

ومَن مدامي ونقلي ... بوجنتيه وفيه

هلا حزبت فؤادي ... ببعض مالك فيه

وأنشدني أيضاً لنفسه:

عجباً أن يكون ساكن قلبي ... راتعاً منه في بساتين حبي

ويجازي على الوفاء بِغَدرٍ ... حسبي الله ثم حسبي وحسبي

<<  <  ج:
ص:  >  >>