للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

نهاية الطريق

للكاتب الأمريكي: نيو بولد نوبز

بقلم السيد محمد العزاوي

هناك بين تلك الصخور التي تحث بحيرة (كومو) فتعقد حول مياهها الضاحكة سداً من ضباب، وعلى شغاف جبل يرتفع عن البحيرة بثلاثة آلاف قدم تجثم كنيسة صغيرة عبثت بها عوادي الزمن وهي تشرف على قريتي (كادنابيا) و (مناجيو). ويدور بكل ذاك محيط من جبال فارعة الذوائب سامقة القنن، تتناهى سفوحها إلى جبال الإلب العظيمة، ويبعد أقصى منازل القريتين عن الشعب الذي يطوق الجبل بميلين كاملين

وقد كان القوم يحجون في كل عام إلى الكنيسة مرة، يبتهلون فيها إلى الله أن يكلأهم بعنايته، فينزل عليهم الغيث حين الجفاف وفيما عدا ذلك فغباً ما كانت تزار

وقد كان (بلاجدن) يصعد في طريق لاحب متمعج قد امتد لامعاً في مجموعة من منازل ألبسها الماء ثياباً من زرقة صافية وكان الجو ساكناً، لا تخفق فيه نسمة من ريح، فتداعب أوراق الزيتون التي أكسبتها الشمس بريقاً فضياً بديعاً في الجبل، وكانت أشجار السرو تلقي على الهضاب ظلالها المستطيلة الوارفة، بينما كان (بلاجدن) يتقدم في طريقه صعداً شاعراً بكل ما يدور به من بدائع الحسن وآيات الجمال

وعندما بلغ الكنيسة وولج الباب وجد من بردها وظلامها حائلين يقومان من دونه، ولكنه تخطى الباب إلى الداخل ثم خطى بضع خطوات، فكان لوقع أقدامه رنين كئيب قوي يطوف كل ربوع المكان، وكان من العسير عليه، أن يتبين في تلك الكنيسة شيئاً بعد أن كانت الشمس في الخارج تغمر ما يرى، غير انه ألف الظلمة بعد قليل، وبصر في الركن البعيد بأربع شمعات موقدات، فاتجه نحوها بخطى وئيدة، بينما يقعقع تحت قدميه هذا البلاط الذي تأكله الزمان

وتجلى للناظر فوق الشموع الأربع صورة لمريم في إطار بسيط رخيص مذهب. وأدمن (بلاجدن) النظر في الصورة مأخوذاً. فقد كانت تحفة من يد صناع بارعة. إذ تجسم فيها

<<  <  ج:
ص:  >  >>