ولا تعجب. فيستطيع علم الكيمياء الآن أن يحول كل ما يقع تحت حسك من مواد إلى مواد جديدة لا تتصور نشوءها منها. وقد لا يطول الزمن أيضاً حينما يتحقق حجر الفلاسفة فيحول الكيمياويون الرصاص أو القصدير وربما التراب إلى ذهب. فلم يعد علم الكيمياء الآن ينظر إلى مظاهر المواد بل إلى خواصها وجواهرها.
والحرير والصوف اللذان تشاهدهما كل يوم ليسا إلا أنسجة زلالية أي أن أساسها مثل زلال البيض الذي لا ترى بينه وبين الصوف أية صلة. وقد ظهرت في السواق التجارية منسوجات صناعية. ولا تمر شهور حتى تكون بعض ملابسك من هذه المواد وأحدها النسيج الحديث المعروف باسم (الأرديل) الذي يصنع من زلاليات الفول السوداني.
وأول نسيج صناعي ظهر في المجال التجاري من أصل زلالي هو القماش المعروف باسم (لانيتال) وهو يشبه الصوف في كثير من خواصه وساعد على رواجه وصقل صناعته حرب إيطاليا والحبشة وتوقيع العقوبات الاقتصادية على الأولى وحرمانها من الخامات والمواد الأولية وقد استخرج هذا النسيج من اللبن بعد عدة عمليات كيماوية تعرف باسم عملية فيرتيتي.
واشتدت الحاجة بإيطاليا إلى المنسوجات لتزويد جنودها بالملابس فسعى علماؤها إلى صنعها من (شرش) اللبن، ولاسيما أن حرمانها من تصدير الجبن وفر لديها مواد اللبن مما شجع على صقل صناعة اللانيتال.
ولفتت هذه المغامرة الإيطالية أنظار علماء العالم فرض كورتولد في عام ١٩٣٨ في أحد معارض مانشستر أنسجة صناعية. وظهرت في أمريكا أنسجة عرفت باسم (أرلاك).
أما نسيج الأرديل فيرجع أول عهد التفكير العلمي فيه إلى عام ١٩٣٠ حين قال الدكتور أوستبوري من جامعة ليدز بأنه من الميسور تحويل زلاليات الفول السوداني إلى أنسجة؛ وقد أيده في قوله البروفسور سيبتال من جامعة كمبردج وكان مشهوراً بسعة معارفه عن خواص زلاليات النباتات.