منها فتحة (أو باب) تكفي لمرور الفأر، ولكل بيت رقم خاص. ويتراهن المتراهنون على أي البيوت سوف يدخلها الفأر، ويضع كل منهم نقوده على البيت الذي يختاره. ثم يخرج (أبو فيران) فأره الأبيض الصغير من جيبه ويطلقه يرتع ويجري على المنضدة كيف شاء؛ فالبيت الذي يدخله الفأر يربح صاحبه الرهان، وقد شاهد ماكفرسون صبيا صغيراً بارعا بكسب الرهان دائماً دون أن يفقد نقوده قط، فراقبه خلسة حتى عرف السر في ذلك؛ إذ كان الصبي الصغير يغافل من حوله ويضع قطعة من الجبن في البيت الذي يختاره وكانت رائحة الجبن كفيلة بجذب الفأر إليها.
ولكن، مهما كثرت الألعاب الشعبية في مصر، ومهما تعددت مظاهر اللهو والمرح - فإنها واحدة لا تتغير في جميع الموالد؛ فما نراه في موالد الوجه البحري نجده في موالد الوجه القبلي دون أدنى تغيير. والأعجب من ذلك أن نفس الوجوه تظهر في كل الموالد وخاصة وجوه الممثلين والراجوزات والحلاقين الذين يختنون الفقراء مجاناً. والواقع أن هناك فريقاً كبيراً من هؤلاء يقفون حياتهم على التنقل بين البلدان للتكسب من الموالد.
ونحب في النهاية أن نكرر ما سبق أن قلناه من أن كتاب ماكفرسون سد فراغا كبيراً وأسدى خدمة جليلة لدراسة الحياة الشعبية في مصر الحديثة، فالواقع أن هذه الناحية لم تحظ بكثير ولا قليل من الدراسة والعناية الجديرة بهما، وعسى أن يقوم بعض علمائنا ممن يعتنون بدراسة (الفولكلور) بمتابعة الخطوات التي خطاها ماكفرسون وغيره من أمثال إيفانز بريتشارد والأستاذ هوكارت وبذلك يقدمون أجل الخدمات للعلم ويؤدون بعض ما يجب عليهم نحو وطنهم.