معاذ الله أن يكون الشباب هدفاً مقصوداً في هذه المعركة، وإنما هو الشعر الجديد شباباً كان قائلوه أو شيباً. وما علاقة العمر بقديم الشعر وجديده؟ وهل اخترم طرفة وأبو تمام إلا وشبابهما في عنفوانه؟
ولو أنك رجعت إلى كلمات الأستاذ الكبير (ا. ع) في هذا الموضوع لوجدت عنوانها (الشعر الجديد)، وكذلك عنوان مقالي في العددين ٥٦٨ و٥٦٩ من الرسالة
نعم إن الأستاذ الكبير قال في إحدى كلماته:(ولكنهم كلهم - أو جلهم - أحداث أو أشباه أحداث). ولكنك لو تدبرت هذه العبارة لم تجد فيها ما يفهم أن شعراء الشباب كلهم - أو جلهم - مجددون، وأسارع إلى الاحتراس فأقول:(على النحو الذي فصله الأستاذ في كلماته عن مذهبهم في التجديد)، ثم إن الأستاذ يقول أيضاً:(وهل في كلامي ما يشير أو يدل على أني أجحد شعراء الشباب عامة؟ لا يا سيدي. إني حكمت على فئة كبيرة تسنى لها بعوامل مختلفة أن تنشر شعرها بين ظهرانينا. وهو شعر هزيل في ألفاظه وتراكيبه ومعانيه؛ فليس معنى هذا ألا يكون من بين شعر هؤلاء الشباب ما يستجاد أو يستملح. . . الخ.)
إذن فمن الذي أقحم لفظ (الشباب) في هذه الأحاديث؟ إنهم أنصار الشباب أنفسهم، فهم الذين كتبوا (شعراء الشباب والأستاذ الجليل) و (حول شعراء الشباب) و (شعراء الشباب) و (لقد ظلموا شعراء الشباب) و (حول شعراء الشباب) و (حول شعر الشباب). وغير ذلك
لسنا ننكر أن أكثر النظامين لهذا الشعر الجديد من شباب الشعراء، ولكننا لا ننكر أيضاً أن من الشباب من لم يفتنهم هذا التجديد المزعوم، بل إن من هؤلاء المجددين أنفسهم من ينزع عنه - طوعاً أو سهواً - في بعض الأحيان ثوب التجديد الخادع، وحينئذ ترى من شعره ما يروقك ويعجبك. وهذا هو الذي أشرنا إليه في حديثنا عن بعض مواضع الحسن في قصيدة الشاعر علي شرف الدين، وإذن فليس للأستاذ البشبييشي على حجة إذ يقول:(. . . إذا أخطئهم النسج القوى وصفتم شعرهم بالسخف والفتور؛ وإذا راعكم منهم البيان الجزل قلتم: هذا من الشعر القديم)
ومن العجيب أن أنصار هذا الشعر يقحمون في ثبت شعرائه أسماء لا تمت إلى جديدهم بصلة، بل إننا لنقرأ شعرهم فنستعذ به ونستملحه كما نستعذب ونستملح شعر المجيدين من القدماء