للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الشرع الإسلامي وعلماء الفرنج]

للأستاذ مصطفى محمد حسين

(كتب الفرنج كثيراً عن الشرع الإسلامي وعن النبي العربي صلى الله عليه وسلم، وفي ما كتبوه الغث والسمين، والحالي والعاطل، والحق والباطل، ولكن العصر الأخير أنصف الإسلام كثيراً بالقياس إلى العصور الخوالي، كما يستبين من الأقوال التي أنقلها ولو عني المسلمون بدعاية منظمة للإسلام لصححوا أباطيل كثيرة وبددوا أوهاماً كثيرة تتعلق بهم وبدينهم، ولاهتدى إلى الإسلام جم غفير يؤثرون تأثيراً شديداً في مجرى السياسة العامة).

قال كارليل: في الإسلام خلة أراها من أشرف الخلال وأجلها، وهي التسوية بين الناس، وهذا يدل على أصدق النظر وأصوب الرأي، فنفس المؤمن راجحة بجميع دول الأرض، والناس في الإسلام سواء. والإسلام لا يكتفي بجعل الصدقة سنة محبوبة بل يجعلها فرضاً حتماً على كل مسلم، وقاعدة من قواعد الإسلام، ثم يقدرها بالنسبة إلى ثروة الرجل، فتكون جزءاً من أربعين من الثروة تعطى إلى الفقراء والمساكين والمنكوبين. جميل ولله كل هذا، وما هو إلا صوت الإنسانية، صوت الرحمة والإخاء والمساواة يصيح من فؤاد ذلك الرجل ابن القفار والصحراء (صلى الله عليه وسلم).

وقال الدكتور انسباتو الإيطالي في كتاب: (الإسلام وسياسة الحلفاء) الذي نشره سنة ١٩١٩: إن الكرم العلمي والصدقة الفكرية صفتان من صفات الإسلام شأنهما أن تجعلا الأمة العاملة بهذا الدين أهلا لأن تبلغ من الحضارة ذروتها العليا.

لما كان الأستاذ أمين الريحاني في السفينة الشراعية على ساحل جزيرة البحرين قاصداً ساحل الإحساء أثقل الهواء جفنه فنام قليلا، ثم أيقظه صوت الملاحين، وهم إذ ذاك يشتغلون في قلب الشراع طوعاً للريح ويرددون: (صلي على النبي) فقال الريحاني في كتابه (ملوك العرب) يصف أثر ذلك في نفسه: وربك أيها القارئ ما سمعت في أنغام الليل على المياه أطرب منها، إلا أن يكون صوت المؤذن في الخليج وهو يؤذن الفجر، ليس في صلوات الأمم كلها أدعى منه إلى الورع والخشوع، وقل فيها ما هو أجمل وقعاً في النفس من صلاة الملاح في ظل الشراع.

اجتمع الأستاذ محمد لطفي جمعة مع السيد توفيق البكري، بعد عودته من مستشفى بيروت

<<  <  ج:
ص:  >  >>