للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

قبلة الملكة

للقصصي الفرنسي ج هـ روسني

بقلم الأديب كمال الحريري

هذه هي عشر سنوات، وأنا راسخ الجذر في هذا المكان البائس (ل) مقيم في هذا المنفى لا أريمه.

ومع ذاك، فكل الناس كانوا يحسبون حساباً لمواهبي وخصالي، وكلهم كان يقدر أني سأبلغ أرقى المناصب، وأنال أرفع الوظائف التي لا تطاولها إلا رتبة الملك حتى أشد أعدائي، وشر خصومي كانوا لا يغمطون مؤهلاتي. ولكن هذا كله وا لهفتاى، لم ينجني من الحكم على بالتعفن في هذا الجحر الضيق الذي يسمونه (ل) ولذلك قصة عجيبة عالمية، تتلخص في أن امرأة كانت سبب نكبتي، وهذه المرأة هي الملكة.

لقد كنت في التاسعة عشرة من عمري، في فتوة ساخرة. وكان من عادتي، أن أغازل عرائس أحلامي، ما بعد الظهر من كل يوم، في حديقة الملك الوسيعة الملتفة الأدغال، تحت الجبال الشامخة. مشيت في ذلك اليوم طويلا، تحت ظلال الزيزفون التي كانت تنمو في أرض تغذيها سواق عذبة صافية، وتحوطها مروج من الأعشاب السندسية الخضلة الندية، تعزلها عن أشجار الغابة وأدواحها. وانتهى بي السير، إلى بساط من الأرض مفروش بأشجار من الحور، كانت ذوائبها تتراقص وتنثني الواحدة نحو الأخرى. وهناك بين تلك النهيرات، كان نهير، يفترش ماؤه فيتحرك إلى بحيرة صغيرة، تحفها شجيرات من قصب الخيزران المزهرة.

كانت أشباح الغموض والسكون، تخيم على تلك البقعة الموحشة، إلا ما كان من خرير ماء النهر وهو يجري في الأعماق، أو التماع قصور من غيوم السماء كانت ترتسم على مخرفة من أشجار الأرز.

وفي هذا المكان جلست غارقاً في لجة من الأحلام والأخيلة بدأت مشاعري تطغى على وتنتشر في ذهني، فرحت أمتع النفس والحواس، بصفاء هذه النزهة. وأنا متخل بروعة

<<  <  ج:
ص:  >  >>