الأصيل، غارق في سحره الجميل. ولكن قلقاً مباغتاً، انبثق في نفسي فجأة سمعت على أثره لصدري خفقاناً طغى على هدير النهر خفقة مجذاف كأنها تبرر لي هذا الاضطراب والارتعاد فلم ألبث أن تواريت فزعاً مضطرباً خلال دغلة من الدغلات. وانقطعت خفقة المجذاف على الماء. فعاد السكون والغموض، يجثمان على المكان وروعة أشعة الأصيل، تسترسل من خلل الغصون فتلمحت على ضوء شعاع متسلسل بين فجوات الأوراق، بطة لماعة تمخر الماء ثم تلتها أخرى ذات طوق نحاسي وتغريد حلو. ثم أخذت تتعالى مجدداً، خفقات المجذاف وبعدها ارتسم أمامي على عطفه الشاطئ مقدم زورق للصيد، نهضت فوقه، فتاة رائعة الجمال، تتوهج على يديها أشعة من دماء صيدها للطيور. كان في عينيها نفاذ وحدة وعلى فمها فتة سماوية وكانت يداها البضتان، تحركان المجذاف في مشقة وإعياء بينما رغاء الزبد يتفجر كقطع الثلج أو تثار اللؤلؤ. خلف الزورق السحري. أما أنا فقد اهتز كياني من الحنان والأسف، وانثالت على لساني الدعوات.
وبالغت في التستر والتواري. وقد كتمت أنفاسي وكاد الاضطراب يبلغ بي درجة الإغماء. ذلك إنها إنما كانت هي. . . هي الملكة التي كنت أهيم بها في الخفاء، والتي ما زالت منذ بعد هذه الظهيرة أحلم بها الأحلام السعيدة البهيجة أثناء نزهتي.
وكان في نهاية الزورق، صبي منتصب، هو الأمير الجميل د هـ ت أبن أخت الملكة.
كان ممسكا بسكان الزورق، بينما خالته الملكة سابحة في أجواء أحلامها وقد مال عنقها الذي يشبه عنق الإوزة إلى الجانب، وامتدت ذراعاها الناعمتان الحريريتان إلى الأمام. كانت تجذف على ضوء الأصيل الأصفر إيه يا إلهة الملاحة، يا لك من حلم عجيب وسمعت فجأااااأة صرخة داوية، ثم أبصرت بالزورق يتقلب على الماء والأمير الصغير يسقط في النهر في حين تعلقت فيه الملكة الملتاعة الجزعة بغصن غليظ من أغصان الحور.
ووثبت إلى الماء بقفزة، وقبضت على الغلام الذي كاد ينجرف مع التيار، فوضعته على الشاطئ الأمين، ثم جدفت بالزورق نحو الملكة. لقد لمست ذراعاي جسمها الذي خلق فقط لكي يضمه أبناء الملوك. أما هي فقد كانت شاحبة الوجه مرتجفة الأوصال. لم تنطق أولا بحرف، وإنما لبثت ترمقني بعينيها الساحرتين المفزعتين غير إنها حين أحست بنفسها