للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منتصبة على قديمها فوق الشاطئ، قذفت بنفسها هلعة فزعة على الأمير الصغير المسكين، الذي كاد يغمى عليه من روعة الحادث. ثم عانقته بحنان حافل فزع، وقالت لي: إنه مدين لك بحياته فاطلب مني ما شئت تلقني أول الملبيات. فصحت: أتعطيني كل شئ؟ ثم عراني اضطراب وحشي ثائر، وماد بأعطافي جنون مضطرب جياش. أما هي فقد شدهت لصرختي وجعلت لحاظها تتلاقى مع لحاظي. ثم أسلبت أجفانها حياء وتضرج وجهها بحمرة الخجل

لقد كنت كما أسلفت، في ريعان الصبى، ولي محيا فنان الملامح، وكانت الملكة تعرفني جيداً، لأنها طالما أبصرت نظراتي تتعلق بمفاتنها. وعلى هذا فقد فهمتني. ولحظت أنا في نظراتها الثابتة في، شيئاً من ارتجاف جعلني أكثر جنوناً بها، وأشد نشوة وتلذذاً بفتنتها النبيلة ودمها الملوكي. ثم أخذني ميل لذيذ مشتعل لانتهاك حرمة هذا الجمال الملوكي، فظلت مرتجفاً هلوعاً. ثم استأنفت قولي: أتقولين إنك تمنحيني كل شئ، دون أن ترجعي عن كلمتك؟. . . فأشارت برأسها بالإيجاب ثم أصطبع محياها بدم الخفر. واستقلتها حمياً من النشوة. وقلت لها، أرغب منك قبلة. فأجابتني بلهجة العاتب. أي جنون هذا؟. لعمري أن صغر سنك وحده. هو الذي يبرر هذه الإباحة الفاجرة. ولكنها في الحق، كانت تشاطرني اضطرابي وتقاسمني شعوري: إذ راحت تتمعن في جسمي الذي التصق عليه ملابسي المبللة، وتنظر إلى نظرات مبهمة غريبة. وعندئذ، بلغت بي الجرأة حداً كنت بعده موطناً العزم على عدم النكوص ولو أمام خشبة المشنقة. . وهتفت بها مجدداً: اذكري أنك قطعت على نفسك عهداً. . وقبل أن تتمكن من الدفاع عن نفسها، تقدمت إليها في جرأة، وأمسكت برأسها الملائكي بني كفي ثم أهويت بفمي الحران اللهفان إلى فمها وحينئذ. . وبعد قبلتي المديدة العميقة شعرت بشفتيها الشهيتين الحلوتين، تجيبان قبلتي فجأة، وتنحنيان على شفتي بلثمات عنيفة حارة ضاغطة. لم يدوم ذلك إلا كلمحة البرق، ولكن هذه الحظة على قصرها، كانت من النفاذ والتأثير في مشاعري وحواسي، بحيث أن فمي لن ينسى أبداً لذاذة هذه القبلة. وحين دفعتني الملكة أخيراً عن نفسها، كان أحد نبلاء الحاشية يتقدم نحونا تحت ظلال الحور. . .

نمى الخبر إلى الملك، فعرف كل شئ، وتحتم على الملكة أن تفسر له جلية الخير. ومع إنها

<<  <  ج:
ص:  >  >>