كان يوم الجمعة ٣٠ سبتمبر (أيلول) سنة ١٩٣٨ يوماً تاريخياً هاماً مغيراً تغييراً رئيسياً لوضعية أوربا الدولية، ولاتجاه السياسة الغربية، إذ به تم اتفاق الدول الأربع (في مونيخ) على حل المشكلة التشيكوسلوفاكية حلاً لم يتوقعه أحد قبل أيام من ذلك التاريخ، فجزأ هذا الحل التشيكوسلوفاكيا وأثر تأثيراً عظيماً وسيئاً على حياتها الاقتصادية والسياسية. وأهم من ذلك أنه أدى إلى نتائج دولية خطيرة، تتصل بعلاقات ألمانيا مع دول جنوب شرقي أوربا والشرق الأدنى من جهة، وبوضعية دول أوربا الكبرى من جهة ثانية.
انتصرت فرنسا عام ١٩١٨، فعمل ساستها ورجالاتها على تأمين سلامتها، وإبعاد خطر الغزو الجرماني عنها. إذ ذاقت فرنسا مرارته مرتين في مدة أقل من نصف قرن. واستخدموا لذلك وسائل تأمين السلامة المعهودة قبل الحرب العالمية: المعاهدات والمبادئ التي تولدت عن الحرب الكبرى، والضمان المشترك ضمن نطاق عصبة الأمم
عملت فرنسا عام ١٩١٨ على تطويق ألمانيا من الجهة الشرقية بدول معادية فأوجدت بولندا وتشيكوسلوفاكيا، وربطتهما بباريس بمعاهدات دفاعية. ولتقوية مركز تشيكوسلوفاكيا الدولي، وإيجاد كتلة قوية أمام ألمانيا في جنوب شرقي أوربا، ساعدت فرنسا في تكوين التحالف الصغير بين تشيكوسلوفاكيا، ورومانيا، ويوغسلافيا، وربطت هذا التحالف بنفسها بروابط ودية متينة. وفي عام ١٩٣٥ وقعت فرنسا على معاهدة دفاع متبادل بينها وبين الروسيا، وتوسطت إلى إيجاد مثل هذه المعاهدة بين صديقتها تشيكوسلوفاكيا وبلاد السوفيت. ظنت الدوائر السياسية أن هذه الروابط الدولية جعلت مكان تشيكوسلوفاكيا الدولي متيناً لا يتزعزع، ويحول دون أي تفكير في الاعتداء على جمهورية مزاريك، واعتقدت هذه الدوائر أيضاً أن القوى المناهضة لألمانيا في أوربا الوسطى والشرقية قوية إلى درجة لا تجعل حكومة برلين تفكر في اختراق النطاق الذي يحيط بها في تلك الجهة.
لم تكتف فرنسا بإيجاد ربيبتها تشيكوسلوفاكيا وتقوية مركزها الدولي، بل عملت على تحصين الحدود التشيكوسلوفاكية الألمانية، وتنظيم الجيش التشيكوسلوفاكي وتقويته، لتتمكن