من صد أي هجوم حربي ألماني عنها. لهذا أقرضت باريس براغ المليارات من الفرنكات وأرسلت لها المهندسين الحربيين الأخصائيين لإنشاء حصون هائلة على الحدود الألمانية، فأنشئ (خط ماجينو التشيكوسلوفاكي) وصرف عليه ثمانون مليوناً من الجنيهات. ثم أرسلت فرنسا البعثات الحربية لتدريب الجيش التشيكوسلوفاكي وتنظيمه، فأصبح من أنظم الجيوش الأوروبية وأهمها. وزيادة على ذلك، فإن دخول تشيكوسلوفاكيا الجغرافي في قلب ألمانيا يساعد على جعل هذه البلاد مركزاً لقوة طيران عظيمة تستطيع هدم كبريات المدن الألمانية الواقعة في الجهات المختلفة. وقد ساهمت فرنسا في تقوية قوى الطيران التشيكوسلوفاكي، واعتمدت كثيراً على موقع تشيكوسلوفاكيا الجغرافي، لهذه الغاية، فكان بإمكان القوى الجوية المتجمعة في تشيكوسلوفاكيا، تهديد المدن الألمانية بسهولة وفي وقت قصير. فظنت الدوائر السياسية، بعد هذا التحصن وإيجاد هذه القوى، أن لا فائدة لألمانيا من محاولة الهجوم على ربيبة فرنسا. كما أنها ظنت أن لا أمل يرجى لألمانيا من مهاجمة فرنسا لوجود (خط ماجينو) الذي تتحصن فيه عند الحاجة الجيوش الفرنسية، وجيوش دول معاهدة لوكارنو، ولوجود القوى الهائلة المحالفة لفرنسا في أوربا الوسطى والشرقية، التي في إمكانها الانقضاض على ألمانيا من الجهة الشرقية بسرعة وسهولة
خلافاً لهذه القوى التي هي في حد ذاتها قوى فعالة لا يستهان بها إن عرف استخدامها، فإن فرنسا استعملت في تأمين سلامتها من الخط الجرماني، مبدأ (الضمان المشترك) ضمن نطاق عصبة الأمم. فكان من أقوى أنصار عصبة الأمم ومن العاملين على تنظيم الضمان المشترك وتنفيذه ومن أشد الغيورين عليه والراجين منه سلاماً. فهل منعت المعاهدات والضمان المشترك ألمانيا عن اجتياز السور الذي أقيم حولها؟ وبعبارة أخرى، هل أوصلت السياسة التي تبعتها فرنسا خلال العشرين سنة الماضية الشعب الفرنسي إلى ما يبغيه من سلام وطمأنينة؟
لم تنفذ المعاهدات، ولم يعمل بموجب الضمان المشترك. وتمكنت ألمانيا من رفض القيام بما قبلت من واجبات ومن السير بخطى واسعات للوصول إلى ما تبغي وتطمح
وكان أول ما قامت به ألمانيا امتناعها عن دفع التعويض للحلفاء، فلم ترغم على دفعه، ثم قرارها بإلغاء القيود العسكرية في معاهدة فرساي وإعادتها التجنيد الإجباري، وتجديد معامل