للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأيضاً، تهجم على التخطئة!

للأستاذ محمود محمد شاكر

إلى أخي البصام:

السلام عليكم ورحمة الله، وبعد فيخيل إلى - والله أعلم - أنك رجل واسع المعرفة، مغرى بالتحصيل، دقيق البصر، تطلب الكلام وإسناده ووجهه ومكانه وضوابطه. وحسب طالب المعرفة أن يكون كمثلك.

وقد طلع على مقالك في الرسالة، فما أدري والله من أي أمريك أعجب؟ من واسع معرفتك، أم من حسن تهديك إلى مواطن الشبهة في كلامي. أم لعلي أعجب من استجلابك للحجة بعد الحجة في تخطئة شيء كان الناس في غنى وراحة عن اضطرابهم بين صوابه وخطئه؟

ومختصر القول هو أنك تريد أن تقول إن الكتاب ينبغي أن يبدأ كما بدئ في بعض كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب أصحابه بقولك: (سلام عليك) فإذا كان الختام قيل: (والسلام عليك)، وأن من بدأ الكتاب بقوله: (السلام عليك) فقد أخطأ. أفهذا شيء من أدب الكتابة واتباع السنة وحسب، أم هو قاعدة توجب الاتباع نحواً ولغة ورواية، فيكون من بدأ بقوله: (السلام عليك) معرفاً فقد أخطأ في حق النحو واللغة والرواية؟ وكلامه كله يدل على أن البدء بالسلام المعرف خطأ من قبل النحو واللغة والرواية. أليس كذلك؟

فإذا كان ذلك كذلك، فقد رويت لك قول صاحب اللسان في مادة (سلم): (ويقال السلام عليكم، وسلام عليكم، وسلام بحذف عليكم)، وهذا ولا ريب قول اللغة والرواية والنحو فيما رواه لنا الرواة، في تحديد بدء السلام (الذي هو التحية). هذه واحدة.

ثم ذكرت لك قول الأخفش الذي رددته علي، وقلت إنه لا يعتمد به (هكذا)، لأني لم إذ كر مصدره الذي نقلت عنه، وفيه تصريح بين كتصريح صاحب اللسان، ثم زاد فأظهرنا على العلة فقال إن (سلام عليكم، حذفت منه الزيادة (وهي الألف واللام) كما يحذف الحرف الذي هو من أصل الكلمة في قولنا: (لم يك). وعلة أخرى هي أنه لما كثر استعمال (السلام عليك) بالألف واللام حذفاً لكثرة الاستعمال. وهذا تقرير يدل على أنه اللغة والنحو والرواية تجعل الأصل في السلام المبدوء به هو التعريف.

فإن شئت أن تعرف أن وقع هذا الكلام عن الأخفش فاطلبه في ص ١٥٢ج١ من كتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>