يستلهم كثير من الشعراء والأدباء قصائدهم وتخيلتهم من شياطين مختلفة. والمرأة من هذه الشياطين التي توحي لهم بمختلف الغرر والأفكار، ولكن أثرها فيهم يختلف من فرد لآخر كل حسب نوع تأثره بها.
والأخطل من الشعراء الذين أثرت فيهم المرأة، ولكن أثرها كان فيه سلبيا حتى أنه وقف منها موقفا أقرب إلى العداء منه إلى المحاباة والتلطف. فهناك كثير من الشذرات موزعة في أنحاء ديوانه صرح الأخطل فيها بآرائه في خلق المرأة ونفس المرأة وعقل المرأة وموقف المرأة من الشباب والشيب، ولكنها آراء لا ترضي كثيرا من النساء والمتعلمات منهن خاصة. والحق أنه كان متحاملا عليها شديداً في القسوة معها.
لم يكن يرى الاخطل في المرأة إلا ألعوبة يلهو بها كيف شاء ومتى أراد، فعندما تلعب برأسه بنت الحان وعندما تداعب شياطينها وعندما يأخذ السكر منه مأخذه، هناك يتذكرها فيقصدها ليقضي منها وطراً من لذاذة ولعب حيث يقول:
ولقد شربت الخمر في حانوتها ... ولعبت بالقينات كل الملعب
فهو لا يرى في المرأة إلا دمية لحمية يقضي معها لياليه، وإلا وسيلة من وسائل لهوه عندما يكون ناعم البال مرتاح الفكر.
طهوت ليلة ناعم ذي لذة ... كقرير عين أو كناعم بال
ويبدو أن المرة قد أذاقت الأخطل مر الفعال وسقته كاس الأهوال فهو حتى في نومه وأحلامه لا يرى منها غير الويل والثبور إذ يقول:
طرق الكرى بالغانيات وربما ... طرق الكرى منهن بالأهوال
ولا يكتفي بهذا وحسب، بل يصفها بالتلون والتبدل ويشبهها بجنية مروعة تذيق الرجال طعم الأهوال
فتغدّلت لتروعنا جنية ... والغانيات يرينك الأهوال
فهو من أعداء المرأة القدامى حاربها بكل قوة، وكشف عن جانب الشر في نفسها ولم يكن يؤمل منها غير الشر وغير الجنة، وغير اللوعة والهول قريبة وبعيدة، حاظرة وغائبة، حية