سألتني أن أطالعك برأيي في قصتك اللبنانية الطويلة (سراب)، وتفضلت فبعثت إليَّ بعشرة أعداد من (بيروت المساء) في كل عدد منها فصل من فصول القصة، وهاأنذا أطالعك بهذا الرأي على صفحات (الرسالة) بعد أن فرغت من قراءة فصلك الأخير، ذلك الفصل الرائع الذي هزَّ في عينيَّ قطرات الدموع!
إذا قلت لك إنك قد بلغت غاية التوفيق فثق أنني لا أجاملك، وإذا قلت لك إنني أود أن أشد على يديك مهنئاً فثق مرة أخرى أنني لا أجاملك! وأظنك تعلم حق العلم أنني ما جاملتك قط، أنت بالذات، بل لعلي كنت أقسو عليك أحياناً حتى لا أترك في نفسي قارئ أثراً للشبهات ولا موضعاً للظنون!
ولقد قلت لنفسي بعد أن فرغت من قراءة قصتك: ترى أي صدى خلفته هذه القصة بين جوانح القراء والأدباء في لبنان؟
أما القراء، فأنا أعلم أنهم يعجبون بك ويعطفون عليك، وأما الأدباء، فلهم معك شأن آخر؛ شأن أبرز سماته الحقد الذي يدفع إلى الظلم، وملء الطريق بالحجارة لتتعثر أقدام الناجحين!
هذا هو الشعور الذي كان يخالجني كلما خطوتَ إلى الأمام خطوة، شعور بعطف القراء وحقد الأدباء. . . هذا الحقد الذي كنت ألمسه كلما ظهرت لك مجموعة قصصية جديدة. لقد كان إخوانك في لبنان يحرصون دائماً على أن يقدموك إلى الناس في كفة تغلب فيها السيئات على الحسنات، بل لعلهم لم يشيروا إلى حسناتك إلا في القليل النادر، ومع ذلك يقال عنهم إنهم حملة الأقلام وأصحاب الميزان! وأشهد أنك كنت تلقى ظالميك دائماً وعلى شفتيك ابتسامة، وعلى قسمات وجهك آيات من الصبر الجميل. . . وتشهد رسائلي إليك أنني كنت ألومك أعنف اللوم على هذا المسلك الذي كان يثيرني منك، ذلك لأن أكثر الناس لا يفهمون ولا يدركون. . . لا يفهمون سر الابتسامة على أنه من أثر الثقة بالنفس، ولا يدركون أن الصبر الجميل مصدره الإيمان بالمستقبل! وكم قلت لك إن بين يديك قلماً