للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[دراسات أدبية]

في الأدب الإيطالي الحديث

بقلم محمد أمين حسونه

- ٥ -

حنة فيفانتي وروايتها عن مصر

تعد حنة فيفانتي أستاذة في الخيال الواضح والأسلوب الرفيع، وقد بدأت حياتها في إنجلترا، ولم تر وطنها - إيطاليا - إلا في الثانية عشرة من عمرها عندما نزحت من إنجلترا لتتعلم فن الغناء. ففي هذه السن المبكرة تتلمذت لطائفة من رجال الأدب وفي مقدمتهم كاردوتشي، ونشرت ديوانا من الشعر الغنائي (ليريكا) يفيض بالعواطف الذاتية والخيال الراقي، فلم يلبث نجمها أن تألق في سماء الأدب الحديث

والواقع أن غنى اللغة الإيطالية خطر عليها من بعض الوجوه، فأن طبيعة هذه اللغة تساعد على التمادي في الوصف والاستغراق في الخيال. ولما كان كتاب هذا العصر في إيطاليا أميل إلى التأنق في موسيقية اللغة، وإلى المزاج الفني الصريح، فأن أسلوب فيفانتي الخلاب وجد البيئة التي ينمو فيها، وانطلق في الجو الحالم مرددا العواطف المشبعة بعناصر الجمال. ففي روايات هذه الشاعرة نجد صفة نادرة الوجود عن كتاب الجيل المعاصر، تلك هي غريزة الجمال. والإنسان يشعر لدى مطالعته روايتها بأن الطبيعة في فنها تجاوزت منطقة الجلال؛ وكما يفوق الناس بعضهم بعضاً في المواهب وقوة الإدراك السامية، وتمييز الألوان والأصوات، فأن لفيفانتي قدرة على هتك أسرار الطبيعة وإبرازها في إطار فني جذاب.

ولما كان أسلوبها الروائي ليس من النوع التحليلي فالنتيجة هي أن الشخصيات الثانوية في روايتها أغزر حياة وتأثيراً من البطل نفسه، كما في رواية الغجرية ويمكن تقسيم أبطالها إلى قسمين: الفريق الأول وهم الأبطال الأقوياء الذين يتمتعون بالحياة إلى أبعد حد، مع استفادتهم من ضعف الآخرين؛ والفريق الثاني الفقراء الذين يحنون رؤوسهم أمام قسوة الحياة ذاكرين أنه من فعل القدر.

<<  <  ج:
ص:  >  >>