للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تطهير العقائد وتحرير العقول]

أساس الإصلاح الاجتماعي

للأستاذ محمود أبو رية

انبعث في السنين الأخيرة بين جوانب البلاد صيحات مختلفة تدعو كلها إلى الإصلاح الاجتماعي، وتسابق من ينشدون الخير لبلادهم فرادي وجماعات إلى المساهمة في ذلك الإصلاح. ولما كان فريق قد اتخذ لنفسه مذهباً خاصاً لا يشاركه فيه سواه ولم يذهب إليه بعد درس أو تمحيص، فأن طرق العلاج قد تعددت ومذاهبه قد تفرقت. وقد وجد أدعياء الإصلاح بين زحمة هذه الفوضى طرقاً ميسرة ليظهروا بين الناس أنفسهم وينالوا مآربهم فيقف الواحد منهم على رأس طريق يتخذه لنفسه بعد أن يفتلذ من جسم الأمة فلذة ليكون مرشداً لها وهذا هو كل همه فلا تجد له ولا لمن حوله من عمل بعد ذلك إلا دعاوى ينشرونها ومزاعم يبثونها

وهذه لطوائف هي التي تعرف بين الناس باسم الجمعيات، وما هي في الحقيقة إلا (فرق) قد زادت في تمزيق الأمة وتشتيت شملها بعد أن أصبح صدر البلاد ضيقاً حرجاً بتلك الفرق التي تعرف (بطرق الصوفية)

وإن قيام هذه الفرق المختلفة بيننا وما يدب بينها من عقارب الشنآن وما أصاب الأمة بوجودها من داء التفرق ومرض التشيع ليعيد إلينا ولا جرم عهد الفرق الإسلامية لتي ذر قرنها في صدر الإسلام فكانت من أسباب ضعفه وذهاب ريحه

على أنك لو بحثت عن عمل لهذه الفرق المستحدثة لما وجدت إلا صيحات عن بعض الذكريات الدينية ترسل بين الناس الفينة بعد الفينة ويحسبون أنها مجدية وهي لا غناء فيها

هذا هو كل عملها فلا تراها قد ظهرت من أدران الوثنيات ولا فكت عن القول أغلال الخرافات، ولا أصلحت من الناس ما غشيهم من شيء العادات، ولا حسرت عنهم ما غمرهم من أمواج المنكرات؛ بل أنك لترى عللنا الاجتماعية قد زادت واشتدت، وأمراضنا الاجتماعية قد عمت وانتشرت؛ حتى لقد أصبح جسم الاجتماع المصري بهذه الفرق - القديم منها والحديث - كمثل رجل ألحت على جسمه العلل وانتابته الأمراض فسعى لمداواته الطبيب النقريس والدعي الجاهل، هذا، يدس له ما يضره، وذاك يقدم له ما ينفعه؛

<<  <  ج:
ص:  >  >>