آذنت الشمس بالمغيب ونحن في حضرة الأستاذ أبي الوفاء الشرقاوي يحدثنا فننعم بسحر البيان، وعذوبة النغم الموسيقي ينبعث من قلبه المطمئن، ويتنقل في أبراج الفكر كما تجري الشمس في مسارها المقدر منذ الأزل وإلى الأبد، رتيبة الحركة، رصينة الخطوة، فيبعث في القلوب حرارة الإيمان، ويهبها نفحة من سر الوجود، ويضفي عليها من نعيم الأمل أشعة مضيئة قوية. وأشرقت نفسه العالية، وانطلق لسانه الفصيح، وضاء جبينه الأسمر العريض، بنور العقل القوي النادر، وراح يترسل ويتبسط وهو يمد يده للِصَّفِّي الحبيب يتناول الكتاب الجديد. ودار الحديث حول المؤلف الموهوب صاحب القلم الجبار، عدة العقل الشرقي وذخره في ميدان المنطق والبيان.
قلت: لقد كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين) وإن لهذا الكتاب في النفس فرحة، كفرح المسلمين بعمر بن الخطاب. . .
قال الإمام: - بعض هذا. ولنجعل كتابه فيصلاً - أرأيتم قصة شيخ جليل كان يرشد ويعلم، وكان له تلاميذ ومريدون، وكان من أحبهم إليه شاب صاحب علم وقلم، وفلسفة وبلاغة، كتب في قصة آدم عليه السلام رسالة لطيفة، حتى إذا أتمها مضى بها إلى الشيخ يستأذنه في قراءتها، فأذن له. . . وجلس الشيخ يسمع والمؤلف يقرأ. . . وكانت العبارة عالية، والأسلوب خلاباً. ومضت آيات الإعجاب الشديد تتدفق من فم الشيخ عند كل مقطع. فهو لا يخفي سروره ولا يكتم طربه من قوة السبك وإشراق الديباجة، ويهز رأسه ويدق كفاً بأخرى وهو يقول:(الله الله يا شيخ علي) وكان هذا اسم المؤلف (إن من البيان لسحراً يا شيخ علي)(هكذا العلم يا شيخ علي) واتصلت حلقة الإعجاب وتدفق الشيخ علي يتابع فصول الرسالة تلاوة حتى جاء ذكر الشجرة والثمرة. . . فوصف الأمر بأنه معصية من آدم عليه